728x90 شفرة ادسنس

  • اخر الاخبار

    Monday, March 2, 2015

    استراتيجيات داعش وإدارة التوحش 2

    بقلم : أحمد بان
    احوال مصر 

    thumbgen
    “لو اقتتلت البادية والحاضرة حتى يذهبوا، لكان أهون من أن ينصبوا في الأرض طاغوتا يحكم بخلاف شريعة الإسلام التي بعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم”، كانت تلك الكلمات التي استشهد بها أبوبكر الناجي على لسان الشيخ سليمان بن سحمان (عالم وهابي توفى عام 1930).
    هكذا استدعيت كلمات شيوخ الوهابية، لتدعيم البنيان الفكري لتلك الجماعات وأمثالها، ثم يستطرد الرجل في التحشيد للمعركة المقدسة لديهم فيقول “علينا جر الجميع إلى المعركة الحركات والشعوب والأحزاب، ونقلب الطاولة فوق رأس الجميع وبتكتل مجموعاتنا وحسن تنظيمهم، فالدعوات لا تنتصر بالسياسة وتغليب العقل”. إذن لا يجب أن نتعاطى مع محاولات البعض عقلنة ما يفعلون، هم مؤمنون بفكرة سيطرت على عقولهم واستدعيت أقوال لتثبيتها بلجام شرعي منتحل تمثله أقوال بعض شيوخ الوهابية.
    في تاريخ كل مجموعات الإسلام الحركي كانت ثمة مقاربة تقول إننا في الصراع مع الدولة الوطنية أو الجاهلية على حد تعبيرهم، يجب أن نفرق بين المرحلة المكية والمرحلة المدنية. وشاعت عبر كتابات الإخوان على سبيل المثال مقولات الفقه الحركي التي تجعل العهد المكي هو عهد الصبر وعدم البدء بالقتال فيقول لهم أبوبكر الناجي، أن العهد المكي كان صدعا بالحق لذا هو يحذر من كتب الإخوان التي هي لديهم حركة بدعية، ويفضل عليها في تزويد أنصاره بالمعارف اللازمة لمواجهة ما سماه الطواغيت، الأغيار ممن تخلو كتبهم من التأويلات الخاطئة للآيات والأحاديث، حيث يعتبر أن الإخوان جماعة ضالة وأن الوحيد الذى نجى من ضلالاتهم هو عبدالله عزام، بينما حكمتيار وعبد رب الرسول سياف وبرهان الدين رباني قيادات ما سمى بالجهاد الأفغاني تربوا على الكتابات الإخوانية المنحرفة. وهو يقسم الناس في مواجهة أفكاره إلى غلاة هم الكفار واليهود والنصارى، أما هو وجماعته فليسوا غلاة والمجموعة الثانية سماهم الخبثاء وهم الأحزاب القومية والديمقراطية، أما الفئة الثالثة فقد سماها الجهال وهم أبناء الحركات الإسلامية السلمية، حيث ينعى على الحركات الإسلامية التي نشأت بعد سقوط الخلافة أنها وقفت طويلا أمام الإجابة عن سؤال ما هي الطريق الشرعية لإحياء دولة الإسلام، فبنى القوميون دولتهم ولم نبن نحن دولتنا. لذا يعتقد أبو بكر الناجي أن حركات الجهاد السلفية هي المتقدمة عن غيرها في فهمها لدين الله تعالى وفهم السنن الشرعية والكونية، وهي الأمل وأن اللعبة بينها وبين الأنظمة القطرية هي لعبة عض أصابع، وأن تطويل أمد المعركة هو في صالحهم حيث يعتقدون أنهم الأكثر صبرا وجلدا من تلك الأنظمة، وان النصر الكبير هو مجموعة من الانتصارات في المعارك الصغيرة، مستبعدا التغيير بالانقلاب على طريقة الترابي في السودان أو التغيير الهادئ على طريقة الإخوان الذي يختلف معهم في كثير من المواضع. لكن أهم خلاف مع الإخوان هو حول نظرتهم لفكرة الابتلاء والصبر عليه، حيث يرى أن الابتلاء ربما يقع ولكن وأنت تقاتل العدو وليس أن تضع عنقك تحت قدم عدوك وتصبر ثم تقول إن هذا ابتلاء، حيث يرى المجالدة والمفاصلة هي الطريق وأن الدعوات لا تنتصر بالسياسة والكياسة وتغليب العقل
    ومن أخطر ما ذهب إليه الناجي هو نظرته لشريحة الشباب المفضلة لديه في التجنيد يقول” فعلى فرض اننا نحتاج لمعركتنا الطويلة حتى تنتهي كما نريد بإذن الله نصف مليون مجاهد افتراضا، فإن إمكانية ضم هذا العدد من أمة المليار أسهل من ضمهم من شباب الحركة الإسلامية الملوث بشبهات مشايخ السوء، فشباب الأمة على ما فيهم من معاصي أقرب للفطرة، وخبرات العقود السابقة أثبتت لنا ذلك أما الأحداث الأخيرة فقد وضح للجميع أن العامي بفطرته، تفاعل معها أفضل بمراحل من قعدة الجماعات الإسلامية الذين سلموا دينهم لأحبار ورهبان السوء “الرجل لا يخفي مسعاه في اجتذاب شرائح بعيدة عن أفراد التيارات الإسلامية الحركية، وما مثال إسلام يكن منا ببعيد وهذا هو الخطر الحقيقي فهذه الجماعات تستغل وجود فراغ روحي لدى الشباب، تظل الدولة مسؤولة عنه، وإحباط ويأس وحوار غائب ورغبه ربما في الطهرانية تحت وطأة رسائل تعبئة دينية مركزة، تدفع البعض منهم للحاق بتلك المجموعات التي لا تخفي رغبتها في استهدافهم وتجنيدهم.
    وتحت عنوان تشديدات السلف وميوعات الخلف، ينعى على الحركة الإسلامية وقوعها في فخ ما سماه فتنة المصطلحات مثل جواز التعددية وجواز تداول السلطة، وعدم جواز الجهاد الهجومي وجواز تولي الكفار المناصب السياسية والفكرية والقضائية، حيث يرى أن كل هذه المفاهيم مفاهيم باطلة بعيدة عن الإسلام، كانت بسبب الحكم الفاسد الناشئ عن تخمة فكرية مردها خلط الأفكار التي ابتعدت عن تشديدات السلف لحساب ما سماه ميوعات الخلف، اللذين تمثلهم لديه الحركات الإسلامية السلمية أو الأحزاب الأخرى.
    ينتقل الناجي في الحديث إلى تفصيل نظريته في إدارة التوحش بتوصيف النظام الذي كان يدير العالم منذ حقبة سايكس بيكو، وكيف أننا وقعنا ضحية وهم القوة لدى القوى العظمى والحالة الإعلامية الكاذبة التي حققت لدينا تلك الهزيمة، لذا يبدو اهتمام داعش بالإعلام كسلاح رئيسي في المعركة.
    يعرف الناجي إدارة التوحش بأنها إدارة المناطق الواقعة تحت نير الفوضى السياسية والأمنية، متمثلا السوابق التاريخية لها مفصلا أهم القواعد والسياسات التي تتحقق بموجبها الأهداف، والتي يلخصها في إتقان فن الإدارة وتعريف من يقود ومن يدير والتفرقة بين مواصفات كل منهم، واعتماد القواعد العسكرية المدربة وتحقيق الشوكة مع فهم قواعد اللعبة السياسية للمخالفين أو المجاورين جيدا والتعامل معها. هل نلمح آثار ذلك في علاقات داعش بتركيا مثلا وكيف أن قوة تركية دخلت أراضي خاضعة لسيطرة التنظيم وأخلت قبر سليمان شاه دون أن يطلق التنظيم رصاصة واحدة. يتحدث الناجي عن مرحلة الاستقطاب التي هي المقدمة لتجييش معسكري الإيمان والكفر في انتظار المعركة الفاصلة، مفصلا قواعد الالتحاق بالتنظيم التي تتضمن فقها حركيا يكفل التأبي على اختراق الخصوم للتنظيم ومكافحة الجواسيس -يستخدم التنظيم النساء والأطفال كسلاح في هذا الباب- مؤكدا على أهمية إعداد عناصره من خلال ما سماه إتقان التربية والتعليم أثناء الحركة حيث لا يملك التنظيم ترف انتظار التأهيل، لذا هو مثلا مع الاستعانة ببعض الكفاءات الفنية ويدفع لها راتبا مع تعيين رديفا يلازمها ليتعلم، دون أن يتقاضى راتبا ويعتقد أنه بهذه الطريقة يؤثر في هذا الشخص وقد يدفعه للانتماء للتنظيم إذا عاين تلك الروح.
    يبدو التنظيم منتبها لبعض العقبات التي قد تعترض طريقه، ومنها ما سماه تناقص العناصر المؤمنة أو الولاء القديم لعناصر الإدارة أو الاختراق والجواسيس، أو تفلت بعض أعضائه أو انقلاب بعضهم أو حتى الحماسة الزائدة لدى البعض. العجيب أنه جعل آخر مقالة في الكتاب بعنوان منهاجنا رحمة للعالمين حيث صدرها بالقول من بعث بالسيف رحمة للعالمين، وهي نفس العبارة التي يستهل بها التنظيم بياناته وكان آخرها عند قتل أبنائنا المصريين في ليبيا.
    تكشف فصول الكتاب ملامح هذا الفكر الشاذ، الذي سيطر على عقول هؤلاء من خاضوا تجربة القتال ضد الدول القومية، أو حتى في بقاع ساخنة من العالم تحت عنوان نصرة الأقليات الدينية المستضعفة ليعودوا في تطورهم الأخير، لاستهداف أقليات دينية أخرى ليواصلوا توحشهم الذي طال حتى المسلمين من نفس المذهب، في تأكيد على أن عجلة العنف إذا دارت فلن تستثني أحدا، فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله، وهذا ما أتوقعه في النهاية لتلك المجموعات.

    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك
    Item Reviewed: استراتيجيات داعش وإدارة التوحش 2 Rating: 5 Reviewed By: Unknown
    Scroll to Top