728x90 شفرة ادسنس

  • اخر الاخبار

    Monday, March 2, 2015

    جدلية ليبيا بين الحطابة ووسط البلد


    هشام السروجى

    استيقظ المصريون على خبر تحليق المقاتلات المصرية فى سماء ليبيا، وضرب اهداف يتمركز فيها ما يسمى تنظيم الدولة فى ليبيا والمعروف إختصاراً بـ"داعش"، وسارت الجدلية المعتادة فى الآونه الاخيرة، بين خطأ وثواب القرار المصرى المتمثل فى سلطة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، وفتح باب المزاد وإلى الأن لم يطلق مدير المزاد جملته الشهيرة  الأونا ... ألادوى ... ألاتريه، لينتهى الجدل الدائر.
    بعيداً عن المصطلحات الإستراتيجية اللولبيه والجمل البراقه، التى تحمل بين طياتها محاولات الهروب من إجابة حاسمه، وتحليلات لى الذراع التى شبعت منها بين اصدقائي المثقفين، المتمركزين على مقاهى وكافيهات وسط البلد، وبلغة مبسطه مثلما تحدث بها الى إصدقائي بمنطقة القلعة التاريخية فى قلب القاهرة، حينما جالستهم يوم العطلة وفتحت باب النقاش فى هذا الأمر، لأجد نفسى أمام تيار ينطق بالمعنى الحقيقي للسهل الممتنع، ويتحدث عن موقفه من تلك الخطوة التى نفذتها مصر، من خلفية الثقافة الشعبية المصرية الأصيله، تلك الخلفية التى صنعت ثورتى 25 يناير و30 يونيو، هذا الشعب الذى أدرك خطورة نظامين سابقين، كادوا ان يقذفوا بالدولة فى غيابات الجب، وإن أقررنا كم الجهالة التى صبت على رأس الشعب صبا عن عمد، على مدار ثلاثة عقود أو يزيدون، فإننا لا ننكر الحدث الذى تأصل فى جيناته، والقادر على أن يكون ناقوس خطر فى اللحظات المصيرية، ومن يزايد على الوعي الفطرى للعقل الجمعي المصرى، أعتقد عليه أن يتنحى جانباً وأنصحه الا يكمل مقالتى.
    مفهوم الأمن القومى المصرى أصبح مصطلح مطاط، ليستخدم فى أي موقف تتخذه مؤسسات الدولة السيادية وتعجز عن تفسير أسبابه، وتحت هذا الغطاء المرن تجمعت العديد من الخلايا البكتيريه، أما فى إطار توجيه ضربة عسكرية لمعاقل الارهاب فى ليبيا، على الجميع أن يدرك معنى الأمن القومى من الناحية العسكرية، وهو ببساطة المواطن القلعاوى حق صد اى خطر يهدد كيان الدولة وشعبها، سواء اعتداء عسكرى من دولة اخرى او كيان ارهابى، وما حدث ويحدث فى ليبيا ما هو الا انتهاك لسيادة الدولة المتمثله فى أمن مواطنيها فى الخارج، وكذلك انتهاك لحدود الدولة من خلال تهريب الاسلحة للجماعات المتطرفة فى الداخل المصرى، وما اكثر عمليات التهريب التى احبطتها الاجهزة الانمية المصرية فى المنطقة الحدودية المصرية الليبية، وبدلاً من انتظار تنامى الخطر المحدق فى الداخل الليبي وسيطرته على الدولة الليبية، كان لزاماً على القوات المسلحة المصرية توجيه ضربات استباقية من شأنها تحجيم التمدد الداعشى فى ليبيا، وهو حق أصيل للدفاع عن النفس تجاه اى مخاطر، فنرى الجيش الامريكي يعبر القارات ويقطع الاف الكيلومترات فى العمق الشرق أوسطى لتوجيه ضربات استباقية لمن يراهم يمثلون خطراً علي دولته، وكما يحتفظ لنفسه بهذا الحق نحتفظ نحن بحق الدفاع عن مصالحنا وأمننا القومى.
    وهذا يأخذنا إلى زاوية أخرى لا تقل أهمية عن الخطر العسكرى المباشر، لنبحث عن المحاور المساندة والداعهة لتلك المخاطر، من منظور مبسيط بعيداً سياسات وحسابات الدول المعقده والتى تلعب فيها الابعاد السياسية دوراً هاماً وبارزاً، لنجد المحور التركى والقطرى، وبعيداً عن ابتذال المعنى وتكراره وعن تحويل ذلك الثنائي المرح الى مادة خصبة للتطاول والسب، وتحويله الى شماعة نلقى عليها اسباب الفشل، نستطيع بضغطة زر على جهاز "الريموت" ويشاهد موقف اعلام الدولتين، ليدرك ان الدعم العلنى لممارسات "داعش" والتنظيمات المتشدده ضد مصر، اصبح واجب مقدس لدى المؤسسات الاعلامية فى الدوحة وانقرة، ناهيك عن تشويه الجيش الوطنى المصرى ورجاله، وتصويرهم على انهم قتلة مدنيين ابرياء بمجموعة من الصور الملفقه والدعايات الكاذبة والتى لم تعد تنطلى على المواطن البسيط.
    ولعل التصريحات الأخيرة للرئيس عبد الفتاح السيسى عن موقف الدولة من قطر والسعودية وكذلك المصالحة مع تنظيم الاخوان الإرهابي – حسب الحكم القضائي المصري -  يؤكد أن الدولة فى الوقت الحالى غير مهتمه بما يروج عن المصالحة مع تنظيم الاخوان ودولتى قطر وتركيا، فالأمر اصبح يمثل صدام مع الشارع المصرى الذى ترسخت لديه قناعة ذاتيه من خطورة الثالوث المدمر، وفى حالة ان أقدمت مؤسسة الرئاسة على اى خطوة تجاه التقارب دون مراعاة الموقف الشعبى سيكون له تبعات سلبية غير محمودة العواقب، فلابد ان يستشعر الشارع تراجع حقيقى عن دعم حلف الدم للارهاب فى المنطقة العربية ككل بداية من سوريا وانتهاءً بمصر قبل اتخاذ اى خطوات تقاربية، لأن مصر الان اصبحت ضمن منظومة عربية متضررة من الممارسات التركية القطرية الاخوانية، ومعها ليبيا ولبنان وسوريا والعراق، وعلى شعوب تلك الدول وفى المقدمة مصر أن ينظروا ولو لمرة واحدة نظرة عروبية شاملة، واللحظة الراهنه لا تحتمل سوى الاصطفاف العربى والنزول الى خندق المقاومة ضد الصهيونية وادواتها فى الداخل العربي، وان كان هناك من يسعى للتقارب من الحلف التركى القطرى على حساب سيادة الدولة المصرية وحقها فى الدفاع عن أمنها القومى، عليه ان يقف لحظات لنهمس له فى اذنه قولاً واحداً، أن مصر لن تتخلى عن حماية الأمن القومى العربي ... نعم العربى وليس المصرى فقط، فالسنوات الأربع الماضيين ادركنا خلالهم المعنى الحقيقى والضرورة المُلحه لإعادة صياغة الأمن القومى العربى، خاصة بعد ما وضحت الأمور جليه فى سورية، وعليه أن يعلم جيداً أن العقيدة العسكرية المصرية التى تربينا عليها رجالاً فى القوات المسلحة فترة خدمتنا العسكرية كجنود، ان البندقية المصرية ليست للايجار ولا للحرب بالوكالة، انما تتحرك صوب الاعداء فقط، ولحماية وحفظ الأمن القومى المصرى والعربي، واتذكر ذات يوم سأل احد زملائنا الصحفيين قيادة عسكرية رفيعة المستوى، عن سبب ترديد المؤسسة العسكرية دائماً مصطلح الأمن القومى العربى واقترانه بالأمن القومى المصرى فى كل جملة، فابتسم فى دهاء واجابه يا ابنى الأمن القومى المصرى بيتسع لعدة دوائر جغرافية تبدأ من المركز ويتسع ليصل الى السواحل الشمالية للبحر المتوسط ودول منابع النيل جنوباً وايران شرقاً وسواحل المحيط الاطلنطى غرباً، يبقى الأمن القومى العربى هو الدائرة الثانية ضمن سبعة دوائر للأمن القومى المصرى والحفاظ عليه هو فرض عين على الدولة المصرية.


    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك
    Item Reviewed: جدلية ليبيا بين الحطابة ووسط البلد Rating: 5 Reviewed By: Unknown
    Scroll to Top