728x90 شفرة ادسنس

  • اخر الاخبار

    Tuesday, March 24, 2015

    نصوص مؤسسة للإرهاب والتكفير




    بقلم : أحمد بان



    عندما نطالع ممارسات وأفعال المنظمات الإرهابية كداعش أو القاعدة، يتساءل البعض منا ما هي بواعث هذا العنف لدى تلك الحركات؟ هل هي مرتبطة بالأجواء النفسية للأعضاء والخلفيات الاجتماعية؟  أم تعد نتاج نصوص نستطيع أن نطلق عليها النصوص المؤسسة للعنف؟ في الحقيقة، دخلت هذه المجموعات إلى عقل الأتباع من بوابة التأويل نصوص دينية سواء الصحيح منها أو المنتحل، لتحشو هذا العقل ببعض المسلمات التي شكلت ثوابت التفكير لدى هؤلاء الأعضاء. يبرز في سياق الحديث عن هذه المراجع التي تشكل عقول أعضاء جماعات كالقاعدة وأنصار بيت المقدس وداعش وغيرها من مجموعات السلفية الجهادية، نصوص مثل كتاب “مسائل من فقه الجهاد”، أو بالأحرى مسائل من فقه الدماء، الذى يعتبر واحدا من أهم مراجع تلك المجموعات، وهو الكتاب الذى أعده أبو عبدالله المهاجر المصري عبدالرحمن العلي، الذي التحق مبكرا بالمشهد الأفغاني ثم استقر لاحقا في باكستان وأفغانستان، بعد أن حصل على الماجستير في الشريعة من الجامعة الإسلامية في إسلام أباد ليتحول بعدها إلى المنظر الشرعى الأبرز لأبى مصعب الزرقاوي، الذى أسس بدايات تنظيم داعش تحت اسم التوحيد والجهاد، الذي تحول فيما بعد إلى تنظيم الدولة وقائده أبوبكر البغدادي. وفي الواقع فنحن نستطيع أن نطلق على هذا الكتاب دستور الدماء التي تفوح من كل صفحة من صفحاته، البالغ عددها أكثر من 500 صفحة، تستدعي التراث الفقهي الذي يبرر القتل والتعذيب والحرق بدعوى نصرة الدين، وذلك كما يتبين من الشعار الذي يتصدر مواقعهم “قوام الدين كتاب يهدى وسيف ينصر”.
    يضم الكتاب عشرين مسألة فقهية اختلف فيها المسلمون ولازالوا يختلفون، لكنه يقف عند هذا التراث الفقهي مع نهاية القرن الرابع الهجري دون أن يعدم استشهادات لبعض شيوخ الوهابية المحدثين، باعتبار أن تلك القرون الثلاثة الأولى هي المفضلة لدى السلفية على وجه العموم ساكنة كانت أم جهادية. وتتضمن هذه المسائل الفقهية تعريف دار الحرب، وأن العصمة لا تكون إلا للمؤمن أما غير المؤمن فلا عصمة لدمه ولا لماله ولا لعرضه، والحديث عن أحكام دعوة المحاربين ومشروعية اغتيال الكافر المحارب والعمليات الاستشهادية، التي تمثل محورا لدى هذه المجموعات فيمن تسميهم الانغماسيين وهم من ينغمسون في معسكر الأعداء مفجرين أنفسهم، ثم الحديث عمن لا يجوز قتلهم قصدا من الكفار المحاربين ومشروعية رمي الكفار وقتالهم بكل وسيلة تحقق المقصود، الذى لا يمر إلا عبر تقسيم العالم إلى فسطاطين الكفر والإيمان، ومشروعية رمي الكفار بكل ما يمكن من السلاح وإن خالطهم مسلمون، مشروعية أعمال التخريب في الأراضي والأملاك ومنشآت العدو وجواز إتلاف المجاهدين لكل ما من شأنه أن يتقوى به العدو. وأيضا مسائل مثل مشروعية خطف الكفار وأحكام المثلة أي التعذيب أو الحرق أو غيرها من التمثيل بالجثث ومشروعية قطع رؤوس الكفار، القتال في الأشهر الحرم والقتال في الحرم والإستعانة في القتال بالكفار والمرتدين وما سماهم الطوائف الضالة، وما هي أحكام انهزام المسلمين أمام عدوهم وأحكام أسرى المسلمين في يد العدو. وجملة تلك المسائل نحو عشرون مسألة لابد أن نفصل فيها عبر حلقات قادمة، كيف يتحول الدين في عقل هؤلاء إلى مجموعة من السيوف التي تنطلق في كل الأنحاء يحملها أناس تجردوا من كل شعور أو رحمة، لذا يبدأ أبو عبد الله كتابه بالقول “ما كتبت هذه الرسالة للمعرضين عن أمر الله، النافرين من شرعه المستهزئين بأحكامه الكارهين لما أنزل الله، كما لم أكتبها للمقدمين عقولهم بين يدى الله ورسوله، المستبدلين بنور السماء كلمات الأرض من زبالة الآراء ونحاتة الأفكار والأهواء، وسياسات كفرة الشرق والغرب، كما لم أكتبها كذلك لأولئك المنهزمين أمام واقعهم الملبسين الحق بالباطل المداهنين في أمر الله من اهل الترقيع والتلفيق، بزعم الإصلاح والتوفيق أولئك الذين يرغبون في كل شيء إلا في أخذ الدين بقوة “الرجل يحدد من يخاطب ويستهدف وفق تصنيفه للعالم، الذي لا ينبغي أن يضم  إما راغبين في مشروع السلفية الجهادية الذي يناصب الدنيا العداء ويقسم العالم إلى فسطاطين، وإما من يدعون لإصلاح متدرج سماهم أهل الترقيع والتلفيق وهو يشير كما أشار غيره إلى الإخوان المسلمين، ممن اعتقدوا أنهم سيتدرجون مع هذا المجتمع ولا يكشفون عن تصورهم دفعة واحدة وتترى الرسائل إلى الإخوان عبر مواقعهم تدندن حول هذا المفهوم.
    القتال لدى الكاتب مصلحة شرعية وأمر حث الله عليه يقول “في القتال مصالح كبيرة، بل حتى قتال المسلمين فيه مصلحة راجحة رغم شدة التحذير من ذلك “وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ” 9 سورة الحجرات.
    قالقتال هنا جاء من إصلاح ذات البين، حتى لا يطغي بعض الناس على بعض وهذا بين المسلمين فكيف إذا طغى الكفر في الأرض، هل يبقى لقائل مقال “إذن ليس غريبا أن تقاتل داعش مسلمين سنة كانوا أم شيعة فقد فتح منظرو الدولة الطريق بتلك الفتاوى وذلك الفهم.
    1. الدين لدى هؤلاء يجب أن يفرض بالقوة يقول “من قطعيات أهل الإسلام التي من أنكرها أو جادل فيها كان كافرا كفرا أكبر مخرج من الملة: عموم بعثته صلى الله عليه وسلم للناس كافة، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ثم يردف بالآية “إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ  فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ” 19،20 آل عمران يلتفت إلى صدر الأية ولا يلتفت إلى نهايتها التي تقول لمحمد الأمين على وحيه إن عليك إلا البلاغ وعلى الله الحساب، أي تفويض ناله هؤلاء ولم يحظ به محمد صلى الله عليه وسلم لكنه التأويل، الدنيا بهذا التصور تقوم على الصراع الدائم بين معسكرين يقول أبو عبد الله في كتابه “وبانقسام الخلق إزاء دعوته صلى الله عليه وسلم إلى مسلمين وكفار انعقدت العداوة بين الفريقين” الأصل هي العداوة بين الناس على أساس المعتقد الديني، فأين نضع آيات تتحدث عن التنوع والاختلاف كسنة إلاهية والحث على التعارف بين المختلفين في اللسان والثقافة والمعتقد “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ” 13 سورة الحجرات. وأين تقع التقوى التي هي ميزان التفاضل بين كل الناس أمام القتل والإكراه في الدين؟  وماذا عن مصادمة سنن الحق التي قضت بأن يكون الناس مختلفون “وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ” 118 سورة هود.
    الصراع والحرب منذ اللحظة الأولى ولنهاية الدنيا هي تاريخ الدنيا لدى هؤلاء، والإسلام لديهم لا يتعايش مع غيره من الأديان يقول “الإسلام هو دينه الذي لا يقبل ولا يرتضى غيره، فليس لأهل الأرض أجمع مع الإسلام إلا أن يخضعوا لحكمه بالإسلام أو المسالمة، هذا حكم الله شاء من شاء وأبى من أبى ومن رضى فله الرضا ومن سخط ففي جهنم متسع ” ص 23 كتاب “مسائل من فقه الجهاد”.
    الكتاب ملىء بالمغالطات الفقهية التي تعتمد الشاذ من الأقوال والأحكام والفتاوى، محتجة بالقرآن تارة وبالحديث تارة أخرى لكن من المهم أن نتعرض في مقالات قادمة لتصوراته في عشرين مسألة ضمها كتابه، تشرح لنا كيف تكونت ضمائر وعقول هؤلاء، قبل أن تمتطي أفكارهم صهوة دبابة أو صاروخ لتعيث في الأرض فسادا باسم نصرة الدين والدعوة إليه.
    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك
    Item Reviewed: نصوص مؤسسة للإرهاب والتكفير Rating: 5 Reviewed By: Unknown
    Scroll to Top