728x90 شفرة ادسنس

  • اخر الاخبار

    Monday, March 16, 2015

    لماذا يصعب على الإخوان مراجعة أنفسهم؟

    بقلم : أحمد بان

    unnamed
    من السهل أن تصبح عضوا في داعش فقد لا تحتاج سوى لنصف ساعة لتحصل على كلاشينكوف وتتلقى التكليف من أمير منطقة، حيث تصبح حياتك ضمن التنظيم أمرا طبيعيا مادمت تشاركت معهم القتال والطعام وحضور خطبة الخليفة أبى بكر البغدادي. لكن أن تكون عضوا في جماعة الإخوان فهذا أمر يحتاج إلى سنوات من الإعداد والاختبار والتكوين قد تمتد إلى عشر أو خمسة عشر عاما في بعض الأحيان، تمر خلالها بالعديد من الاختبارات حتى يتم التأكد من تشربك للفكرة الإخوانية والتصور الإخواني للعالم وللدين، وفعله في النفس وفى نظرتك للعالم من حولك.
    تكوين الفرد الإخواني يخضع لمراحل معقدة تجعله في الأخير مستلب الإرادة بالكامل للتنظيم، الذي يستغنى به عن عالمه فمن خلال المعايشة لمجتمع الجماعة البديل، وتشرب أفكار ومعتقدات التنظيم من خلال منهج محكم وضعه “قطبيو” الجماعة. فقد تراكمت لدى هؤلاء خبرات حركية وتنظيمية هي نتاج الاحتكاك بكل الحركات السرية التي ازدهرت فترة نشأة الجماعة في بداية الثلاثينيات. هؤلاء الذين سيطروا على أهم لجان الجماعة وهي لجنة التربية التي تتولى تنشئة العقل الجمعي لأفراد الجماعة، وتكريس القناعات التي تنطلق من أن هذا الدين يتعرض لمؤامرة كونية منذ بدايته من قوى الكفر، وأنه لمواجهة هذه المؤامرة لابد من تدبير جماعي هو العمل الذي حثنا عليه القرآن “ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ولله عاقبة الأمور”. فالمعروف هنا والخير كل الخير، هو في الجماعة التي تتحمل عبء نشر الدين من جديد والدفاع عنه، هذه العصبة المؤمنة التي تحملت هذا العبء هي بقية الخير في الأرض، التي وصفها الحق بقوله “وقليل من عبادي الشكور” وهي التي تحتقر تصور الأغلبية دائما اتساقا مع قول الله تبارك وتعالى “وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله” فسبيل الله بهذا الفهم هو دائما مع القلة التي تجسدها تلك الجماعة، وبالتالي لا تسمع الجماعة لأحد سوى لنفسها.  
    تبدو فكرة المراجعة في هذا السياق فكرة بعيدة عن واقع الإخوان عبر تاريخهم، حيث تنبه حسن البنا أن كل محاولة لإعمال العقل في قواعد الجماعة ستدفع مباشرة إلى تراجع الثقة وبالتالي السمع والطاعة، فلا تتبق جماعة ولا يتبق تنظيم هو أقرب للجيش منه إلى جماعة. لذا فقد حصن المرشد ومنظرو الجماعة الأعضاء من فكرة المراجعة، أو إتهام النفس أو القيادة باعتماد مجموعة من المفاهيم التي تصنع حائلا دون تلك المراجعة، بتأويل النصوص الدينية وإسقاطها على واقع الجماعة بعد التأكيد على أن الإخوان هم جماعة المسلمين الذين تنطبق تلك النصوص عليهم. وكما خاطب الله الجماعة المسلمة الأولى في العصر الأول فمازال خطابه ممتدا ناطقا إلى الإمتداد الطبيعي والحصري لتلك الجماعة، التي سماها سيد قطب الجيل القرآني الفريد الذي يخوض المعركة ضد الجاهلية التي أحاطت بالناس فلم تبق للإسلام أثرا في الواقع. وانطلاقا من أن الإخوان هم بقية الخير في الأرض وفق هذا التصور الذي صنعته العزلة الشعورية التي حثهم عليها سيد قطب، والتي أنتجت ما سماه الإستعلاء بالإيمان فلن تلفتهم أي هزائم ولن تدعوهم للمراجعة. فكل هزيمة هي محنة لا تستدع دراسة الأسباب أو البحث في المسؤولية ألم يقل الله في كتابه “إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس”. المحنة ضرورة إذن، لماذا؟ لأن الله يقول “وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين” (آل عمران 140) تلك الآيات التي تحدثت عن النبي وصحابته رضوان الله عليهم عقب غزوة أُحد في سياق تربية الحق تبارك وتعالى  للجماعة المسلمة الأولى بالمحنة التي يقدرها الله دون أن يسعى أحد إليها، وتزويدهم بمهارات الاستخلاف وعمق التجربة التي سيحتاجها المسلمون في مستقبلهم، يسقطها الأخوان على أنفسهم كأن النبي بينهم وكأنهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في تزكية مذمومة شرعا “فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى” لكنهم يعتقدون أنهم خيرة الله من خلقه وحديث الله لهم وحدهم، أليسوا هم سدنة الدين وحماته في مجتمع جاهلي غاب عنه هذا الدين. لذا فإن أي هزيمة لهذا الفصيل لايجب أن تشككه فيما يحمله من أفكار أو ما قد يكون قد تورط فيه من سلوك، فالرباني لا يعرف الوهن ولا الضعف “وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين” (آل عمران 147،148) هم إذن الربيون الذين يجاهدون في سبيل الله، وماداموا هم المؤمنون فإن غيرهم الكافرون أو المنافقون، فتقسيم قطب للناس في كل عصر ومصر أنهم إما مؤمنون أو منافقون أو مشركون أو كافرون، لذا لم يكن غريبا على حسن البنا أن يقول “ونحب أن يكون الناس أمامنا واحدا من أربعة، إما مؤمن آمن بصدق دعوتنا وسمو رسالتنا فذلك ندعوه أن ينضم إلينا، وإما متردد فذلك نوصيه أن يتردد علينا وأن يسمع منا فسيزول تردده إن شاء الله، وإما متحامل فذلك لايرانا إلا بعين التحامل، وإما نفعي فذلك يسأل عما سيجنيه فنقول له أننا مغمورون مالا وجاها ولن نعطيك شيئا” رسائل حسن البنا ص 18 دار الدعوة – هكذا الناس عند حسن البنا في بلادنا مؤمن أو متردد في الإيمان بما يطرحه، أو متحامل عليه لا يحول دون متابعته له سوى التحامل، أو نفعى لا تحركه سوى المصلحة، لكن ليس من بين هؤلاء من يحمل حقا آخر مثل الذي يطرحه حسن البنا، الذي يطرح تصوره عن الدين ليس بوصفه لونا من ألوان التدين يقترب ويبتعد من حقيقة الدين، باعتباره فهما  نسبيا للدين بل مطلق ودين يجب اتباعه. وهذا بالضبط ما كان سيد قطب صريحا في إعلانه عندما قال أنه لم يتبق من الإسلام شيء لا في التصور ولا في الاعتقاد أو السلوك، بل جاهلية يقول في تفسير آية “أفحكم الجاهلية يبغون” “إن معنى الجاهلية يتحدد بهذا النص، فالجاهلية كما يصفها الله ويحددها قرآنه هي حكم البشر للبشر، أنها عبودية البشر للبشر والخروج من عبودية الله ورفض ألوهية الله، والاعتراف في مقابل هذا الرفض بألوهية بعض البشر وبالعبودية لهم من دون الله. إن الجاهلية في ضوء هذا النص ليست فترة من الزمان ولكنها وضع من الأوضاع هذا الوضع يوجد بالأمس ويوجد اليوم ويوجد غدا، فيأخذ صفة الجاهلية المقابلة للإسلام والمناقضة للإسلام (شرح الآية 50 من سورة المائدة في ظلال القرأن الكريم – سيد قطب).
    ومادامت الجاهلية عمت فلابد أن يكون هناك محاولات لإعادة الإسلام، وهذا ما يتصور الإخوان أنفسهم يفعلونه لذا هم يستلهمون فقه السيرة الحركي باعتبارهم يواجهون نفس ما واجهه سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم في رحلة نشر الدين. وحتى لو كانوا يقومون بذلك في مجتمع مسلم تدين الأغلبية فيه بالإسلام، لكنه ليس الإسلام الذي يدعو له الإخوان.
    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك
    Item Reviewed: لماذا يصعب على الإخوان مراجعة أنفسهم؟ Rating: 5 Reviewed By: Unknown
    Scroll to Top