استفحل أذى الفئران أثناء حفر قناة السويس .. فعلاوة على إلتهامها لطعام نحو 20 ألف عامل توحشت أسراب الفئران فأفسدت الآلات والمعدات مما حدا بفرديناند ديليسبس أن يوقف العمل بحفر قناة السويس إلى حين ..
تقدم أحد الشوام بفكرة لديليسيبس لحل المشكلة : قطط جائعة ..
تم شراء واصطياد أعداد غفيرة من القطط جُمعت في أجولة لتنقل في قوافل علي ظهور الجمال لأرض القنال، وبعد فترة من تجويعها أطلقت أسراب القطط علي أماكن تجمع الفئران، فانتشرت تلتهمها وتمحوها ..
ولم تمض أيام حتي راحت جميع الفئران في خبر كان ..
قرر ديليسيبس بعدها مكافأة حبيب سكاكيني بمنحه وظيفة رئيس ورش تجفيف عموم البرك والمستنقعات في مصر، وكانت بالقاهرة وقتها عدة برك منها بركة الأزبكية، وبركة الفيل، وبركة الرطلي، والبركة الناصرية، وبركة الفوالة، وبركة قرموط، وبركة الشُقاف، وبركة قمر، حيث المياه تصل إلي هذه البرك إما من الخليج الناصري أو من خليج أمير المؤمنين بقنوات وأنفاق تحت الأرض، وكان الهدف منها توفير المياه للري واستخدام البشر، وجميع تلك البرك كانت نعمة في معظم أيامها إلا أنها كانت عند انحسار المياه عنها بعد الفيضان تتحول إلي مستنقعات ومناطق آسنة تزكم الأنوف..
وما أن تولي حبيب منصبه الجديد حتي شمَّرَ عن ساعد الجد للبدء في الردم واضعاً نصب عينه فرمان الباب العالي الذى ينص على أنه يجوز إعطاء البرك والمستنقعات المملوكة للدولة إلى من يتعهد بردمها، وعليه فقد قام حبيب سكاكينى بردم بركة الشيخ قمر وحمل الشارع الواصل بين ميدان الظاهر بيبرس إلي الشارع المؤدي إلي غمرة اسم سكاكيني الذي يتوسطه ميدان السكاكيني.. الذي يتوسطه قصر السكاكيني باشا الذى بنى فيما بعد على الطراز إيطالى سنة 1897 ..
بلغت نجاحات حبيب سكاكيني في ردم البرك وإقامة البساتين وأعمال المقاولات أسماع الخديوي إسماعيل فقام بتكليفه بالمشاركة كمقاول في إنشاء دار الأوبرا المصرية فشارك حبيب في إنجاز المشروع الثقافي الكبير الأول من نوعه في الشرق مستعينا بجذوع النخيل في فترة فائقة ، حيث لم يتجاوز العمل ثلاثة أشهر لتفتتح الأوبرا مساء 29 نوفمبر 1866 بتقديم أوبرا "ريجوليتو" أمام أوجيني، ويعهد بعدها إسماعيل للموسيقار الإيطالي فردي بوضع أوبرا مصرية كتب موضوعها "مارييت باشا" رئيس هيئة الآثار وهي رواية "عايدة" التي عرضت للمرة الأولي علي مسرح الأوبرا في 24 ديسمبر 1871، ويكافئ الخديوي سكاكيني بالأموال ويرسل إليه عربته الخاصة بياوره الخاص لحضور ولائمه وحفلاته، ويخلع عليه لقب "بك" ثم "باشا"
ومن الأستانة يبعث السلطان عبدالحميد يستدعيه للاصطياف مع أسرته علي ضفاف البوسفور مقيماً في معيته بقصر الدولما باشا..
وكذا يقوم الخديوي عباس حلمي الثاني بدعوته للاحتفال بعيد الجلوس وذلك قبل استهلال عام 1900 بأيام..
ثم حصل حبيب سكاكيني على لقب "كونت" من بابا الفاتيكان لأعماله الخيرية التي منها بناء ملجأ لعدة آلاف يتيم، وشراؤه لقصر "لينو دي بيفور" ـ الموجود حالياً بشارع الفجالة ـ وإهداؤه لجمعية الروم الكاثوليك، وتشييده مقبرة للروم الكاثوليك في مصر القديمة ..
تزوج حبيب من سيدة سورية إسمها هنريت وأنجبا ولد واحد إسمه هنرى سنة 1890 حصل على المجاستير فى تاريخ مصر سنة 1911 ثم الدكتوراة فى الحقوق من جامعة باريس سنة 1915 ..
توفيت هنريت سنة 1902 ثم مات حبيب فى عام 1923 ليُدفن في مقبرة الكاثوليك التى قام بإنشائها ودفنت أسرته من بعده ويتصدر مقبرته تمثال له كان قد صنع في فرنسا..
وأهدى أحد أحفاد السكاكينى قصر الباشا بالظاهر لوزارة الصحة المصرية وفي 1961 تم نقل متحف التثقيف الصحي من عابدين إلى قصر السكاكيني وذلك بأمر من محافظ القاهرة ..
وفي سنة 1983 صدر قرار وزاري من وزارة الصحة بنقل متحف التثقيف الصحي إلى المعهد الفني بامبابة، وتم نقل بعض المعروضات إلى امبابة والبقية تم تخزينها وقتئذ في بدروم أسفل القصر. وقد تم تسجيل هذا القصر في عداد الآثار الإسلامية والقبطية بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1691 لسنة 1987، ليتم وضعه تحت رعاية المجلس الأعلى للآثار.