728x90 شفرة ادسنس

  • اخر الاخبار

    Monday, April 20, 2015

    حزب النور والالتباس بين الدعوي والسياسي




    بقلم : أحمد بان
    احوال مصر 




    كشفت ثورة 25 يناير عن لاعبين جدد في الحياة السياسية، فجماعة الإخوان المسلمين التي كانت أحد أهم اللاعبين السياسين فيما قبل ثورة يناير بعقود لم يكن غريبا أن تؤسس حزبا وتحظى بالشرعية القانوينة التي تمكنها من ممارسة العمل السياسي والمنافسة على السلطة، لكن اللاعب الجديد الذي لفت أنظار كل المراقبين ومثل ظهوره مفاجأة كبيرة، كان حزب النور الذي أسسته الدعوة السلفية أحد أهم فصائل التيار السلفى العام في مصر عشية ثورة يناير. حيث شاع في الوعي الجمعي ولدى كل المراقبين اتصالا بأدبيات هذا التيار وسلوكه عبر عقود، أن السلفيين يحرمون تأسيس الأحزاب والاشتغال بالسياسة ويفضلون الانشغال بالدعوة وطلب العلم والتزكية طريقا للتغيير، ولطالما أنكرت الدعوة السلفية على الإخوان الاشتغال بالسياسة وممارستها بشروط الحزب الحاكم في مصر قبل يناير. بدت دوافع الدعوة السلفية لتأسيس حزب النور ومنافسة الإخوان في المعترك السياسي محكومة بالخوف من مصادرة الإخوان مجال الدعوة أمامهم، بعد مصادرة فضاء السياسة التي برعوا في معاركها وصفقاتها عبر عقود مقارنة بالتيار السلفي، الذي لدوافع مفهومة وواضحة لم يسلك هذا الفضاء السياسي ولم يحرص عليه يوما، ولم يعد سرا أن الجدل داخل أروقة الدعوة السلفية قبل تأسيس الحزب كان يدور حول خيارين، إما البقاء كحركة ضغط في اتجاه ما تؤمن به من أفكار وبما تملكه من قاعدة تصويتية تغازل التيار الأقرب لمصالحها، أو تأسيس حزب للمنافسة ومزاحمة الإخوان بالأساس، لشعورهم أن الإخوان بطبيعتهم لا يعرفون الشراكة وأنهم اقصائيون إلى أبعد حد، وهو ما أكدته تجربة الجماعة مع كل الفصائل السياسية التي حاولت التعاون أو التحالف السياسي معها. وبالرغم من أن الحزب حاول أن يبدو أقرب إلى مؤسسات الدولة المصرية حريصا في خطابه أو ممارسته على ألا يصطدم بها، فقد مرت مسيرته منذ النشأة بالعديد من العقبات لم يكن أخطرها انشقاق ما سميت جبهة الإصلاح، التي دعت إلى فصل الدعوة السلفية عن الحزب السياسي والتي تزعمتها مجموعة قريبة من عماد عبد الغفور رئيس الحزب، الذي انشق لاحقا هو ومجموعته وأسسوا حزب الوطن السلفي الذي تحالف مع الإخوان بعد خروجهم من الحكم.
    تماهى حزب النور مع الدولة المصرية ولم يسلم من اتهام جماعة الإخوان له بأن قيادته هي صنيعة أمنية لأمن الدولة، لكن الأزمة الأكبر التي تعرض لها الحزب لم تكن في خلافه مع الإخوان فترة حكم مرسى وكشفه لمخطط الأخونة بالأسماء والأماكن، بل كانت في موقف الحزب في أعقاب ثورة 30 يونيو وظهوره كظهير لما سمي بالانقلاب، ممثلا للتيار الإسلامي الذي حاول الإخوان إحتكار تمثيله سواء في مشهد استعدادهم للحكم، أو بعد الوصول للحكم فيما جسدته ما تسمى بالهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، تلك المظلة التي أراد خيرت الشاطر ان تكون الظهير الجماهير والسياسي لمشروعهم في الحكم الذي تصوروا أنه سيطول. ومن ثم فلابد من ظهير شعبي يجمع شتات مايسمى بالحالة الإسلامية بأطيافها الإخواني والسلفي والجهادي، والذي حرص خيرت الشاطر أن يكون أمين عام تلك الهيئة سلفيا جهاديا مقربا منه هو د محمد يسري إبراهيم، كسر حزب النور والدعوة السلفية هذا التحالف بما حرم الجماعة هذا الادعاء، لكن هذا التحالف ساهم فيما بعد خصوصا بعد أحداث رابعة العدوية وفض اعتصام تلك المجموعات، في شيطنة مواقف حزب النور والتأثير في قواعد الحزب التي انضم عدد منها إلى المعتصمين في رابعة. وساهم موقف حزب النور المصطف إلى جانب الدولة في نزف الحزب للعديد من قواعده، ولم تكن تلك أزمة حزب النور الوحيدة، فقد ظلت مشكلته هي مشكلة الإخوان، تلك الصيغة المتلبسة بين كونه حزب وجماعة، ورغم ضعف سلطة الجناح الدعوي على الجناح السياسي مقارنة بالإخوان، الذين ظلوا يملكون نمطا تنظيميا أكثر صرامة، فقد ظل هذا الخلل يكبل حزب النور بما حرمه من تطوير فقه سياسي مكتوب، ينظر لحركته ومواقفه بالشكل الذي جعل الحزب يتحرك ثم يذهب بعدها لمحاولة التنظير لحركته. كما وقع أيضا في أزمة الخطاب المزدوج بين خطاب في مواجهة الرأي العام والخصوم السياسيين بدا أكثر انفتاحا وتحررا، مقارنة بخطاب آخر لقواعده بدا أكثر تشددا ما أوقع قياداته في حرج بالغ، فلم يظفروا بثقة القوى السياسية التي ظلت تتهمهم بأنهم حزب ديني فاشي، وأنهم مجرد محاولة جديدة تتخفى لإعادة تجربة الإخوان بطريقة أكثر نعومة، وبين القواعد التي رأت أنهم أكثر ترخصا في قواعد الدين التي ظلت تحرم الديمقراطية وتعتبر البرلمان وتقسيم السلطات بدعة لم يعرفها الإسلام أو السياسة الشرعية، التي ظلت محكومة باجتهادات الجويني في فقه السلاطين ومثلها.
    عبر الحزب أزمة الانشقاقات داخله ثم أزمة موقفه من ثورة يوينو التي خالف فيها مواقف الغالبية من قواعده، وعندما بدأ يتهيأ للمنافسة فى إنتخابات أول برلمان بعد 30 يوينو وإختفاء غريمه التقليدي الإخوان، بدأت سهام معركة جديدة عبر القضاء الذي كان ساحة لمحاولة حل الحزب تحت دعاوى أنه حزب ديني يخالف المادة 40 من الدستور التي لاتجيز إنشاء الأحزاب على أساس ديني، وأن الحزب مؤسسة إرهابية تدعو للعنف والفتنة والقتال بين المصريين. فقد سبق وأفتى د ياسر برهامى زعيم الدعوة السفية ومنظرها في أحد اللقاءات التلفزيونية، أن الشيعة خارجون على الدين وقتالهم واجب وترتب على ذلك وفقا للدعوى قيام بعض أعضاء الحزب بمنطقة زاوية أبو مسلم بالجيزة بقتل الشيخ حسن شحاته لكونه شيعيا. لكن القضاء الإداري حكم بعدم الاختصاص ولم يحكم بحل الحزب الذي ينظم حله إجراءات تبدأ بتحقيق يجريه النائب العام، يتحقق بموجبه أن الحزب ديني أو شكل على أساس ديني، ومن ثم تشرع المحكمة في حله وفقا لتلك الإجراءات.
    حرص الحزب على أن يضمن قوائمه الانتخابية 30 مرشحة من النساء من بينهن مسيحيات، في محاولة منه لدفع تلك التهمة فالحزب الذي حاز ما يقرب من ربع مقاعد البرلمان السابق متحالفا مع البناء والتنمية والأصالة السلفي فيما أسمي بتحالف الكتلة الإسلامية، تصور أنه بعد خروج الإخوان من الحلبة لازال قادرا على أن يجسد تجربة مختلفة يحفظ بها ما تبقى من مكاسب حازتها فصائل الإسلام السياسي من جهة، ويراكم تجربة برلمانية حقيقية لم تكتمل في البرلمان السابق، لكنه مضى في تجربته وهو يحمل عيوب الإخوان في عدم الفصل بين الدعوة والسياسة، رغم مبالغته في مساحيق التجمل السياسي التي لم تنطلي لا على قواعده ولا على خصومه، كما لم يحسم موقفه الفقهي من العديد من المواقف التي لازال يشوشها غلبة الحركة على التظير لديه بتراث فقهى جامد، لازال يتمسك به ولا تجهر قياداته بالحديث عنه. هذا التراث الذي تعد الوهابية هي أرضيته التي تتشاركه حركات السلفية الجهادية كداعش التي تجاهر قيادات الحزب بعداوتها في التصريحات فقط، حتى الآن لا يبدو الإخوان أحوج للمراجعة من حزب النور، الذي يحتاج إلى مراجعة شجاعة هي التي سترسم مستقبله في الحياة السياسية المصرية من بوابة السياسة أو بوابة الدعوة، وربما لا ينجح النور في الدخول للمصريين من هذين البابين.
    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك
    Item Reviewed: حزب النور والالتباس بين الدعوي والسياسي Rating: 5 Reviewed By: Unknown
    Scroll to Top