728x90 شفرة ادسنس

  • اخر الاخبار

    Thursday, February 5, 2015

    القبط فى الحضارة الأوروبية


    بقلم : د. مينا بديع عبدالملك


    بلاشك أن للقبط أثرًا بالغًا فى الحضارة الأوروبية، فالذى يزور القارة الأوروبية لايجد أية صعوبة فى أن يتحسس فى كل مكان أثر القبط وجهودهم ليس فقط فى انتشار المسيحية منذ فجر تاريخها فى هذا الجزء من العالم، بل أيضا فى العمارة والفن والكتابة والمخطوطات

     وهنا لابد لنا أن نذكر بكل الخير والتقدير الدور العظيم الذى قام به الأسقف القبطى النشط الأنبا صموئيل (1920 - 1981) أسقف الخدمات العامة والاجتماعية - الذى استشهد فى حادث المنصة فى 6 أكتوبر 1981 - والذى اهتم فى عام 1962 بتتبع آثار الرهبان السبعة من دير القديس مينا بمنطقة مريوط الذين أسسوا بجوار العاصمة الأيرلندية بلفاست مدينة تحمل اسم «بلى مينا» أى «مدينة مينا» والتى بها مدفن الرهبان السبعة، وأنا شخصيا - فى خلال زيارتى لمدينة لارناكا القبرصية حاليا فى يناير 2015 أخذت أبحث عن سبب تسمية قرية - تبعد عن مدينة لارناكا بنحو 60 كيلومترًا- باسم «كيليا»، إلى أن عثرت على أحد الرهبان المثقفين بأحد أديرة الرهبان بالمنطقة وذكر لى سبب التسمية: «أنه فى نحو القرن الثامن الميلادى حضر إلى القرية مجموعة من الرهبان من منطقة كيليا المصرية بمحافظة البحيرة التى كانت ثانى مركز تجمع رهبانى بعد منطقة نتريا - أيضا بمحافظة البحيرة - ثم تليها منطقة الأسقيط - حاليا وادى النطرون، حيث قام الرهبان بإطلاق اسم كيليا على المنطقة وأقاموا بها كنيسة تحمل اسم القديس أنطونيوس أب رهبان العالم كله». وعندما زرت الكنسية وجدتها على نمط الكنائس القبطية بالأديرة القديمة من حيث العمارة والتنسيق والإضاءة الخافتة والبساطة الشديدة دون بهرجة.
    ولعل صيت القديس مينا بمريوط كان أكثر ذيوعا باسم القديس العجايبى منذ مطلع القرن الرابع وفاقت شهرته على الإسكندرية نفسها حتى إن مدينة الإسكندرية كانت تحمل لقب «مدينة القديس مينا الكبرى» فحضر لزيارتها زوار من جميع أنحاء العالم، فكانوا يأتون بطريق البحر حتى الإسكندرية وقد رتبت البطريركية بالإسكندرية - فى القرون الأولى وحتى القرن العاشر الميلادى - وسائل سفرهم إلى مدينة القديس مينا، حيث حمل هؤلاء الزوار - عند عودتهم إلى بلادهم - الكثير من القوارير الفخارية الصغيرة التى بها زيت من المكان المقدس أو ماء مقدس، ومازالت منطقة الراين بألمانيا تحتفظ بالعديد منها - فى أحد متاحفها - بحالة جيدة جدا، وقد أقيمت العديد من الكنائس بالعالم الغربى تحمل اسم القديس مينا المصرى، أنا شخصيا قمت بزيارة اثنين منها إحداهما بمدينة «هيراكليون» بجزيرة كريت والأخرى دير للراهبات بقرية «فافلا» بالقرب من لارناكا القبرصية، ولهذا فعلماء الغرب العارفون ببركة قديس مريوط يلهجون بفضل البطريرك الهمام البابا كيرلس السادس «1959 - 1971» البطريرك 116 الذى أحيا اسم القديس مينا بعد أن اختفى كلية من مدينته بسبب غارات البدو وعوامل التخريب.
    أيضا تجلى تأثير الفن القبطى فى أوروبا الغربية بمدينة «رافينا» Ravenna الإيطالية، مثلا، ففى قصر تيودوريك بتلك المدينة يوجد موزايك مأخوذ عن النماذج المعروفة بمدينة باويط - بالقرب من ملوى - بمصر.
    كذلك بآثار مدينة «سان فينالا» saint Vinnala تظهر أجزاء كبيرة من البناء لها علاقة قوية بالمصادر القبطية فى باويط.
    كذلك عند دراسة الفن فى كبرى كاتدرائيات أوروبا وأقدمها، ثم اكتشاف عوامل التأثير القبطى فى كنيسة القديس بطرس فى مدينة «ميتز» Metz الفرنسية وفى مدينة «سانت لاورنت» الفرنسية التى بنيت على نمط بازيليكا القديس مينا بمريوط التى بناها البابا ثاؤفيلس والمعروفة باسم كنيسة أركايوس. أيضا يوجد تأثير قبطى فى كاتدرائية مدينة «كور» السويسرية.
    كذلك فإن تأثير القبط على فن المخطوطات وصل إلى أوروبا فى القرن السابع، وإلى إنجلترا فى أواخر القرن الثامن، فالزخارف التى كانت تحلى بها صفحات الكتب وأغلفتها فى هذا العصر هى محاكاة لما هو معروف عن الكتب القبطية. ولعل غلاف المجلد الذى يحمل نباتة متسلقة مع رأس حيوان فى «لندوا» Lindau بجنوب ألمانيا مثل واحد من أمثلة كثيرة تدل على مدى التأثير القبطى فى هذا المجال. كما أخذ عن القبط طريقتهم فى زخرفة الاختصارات - ولاسيما ذات المعنى الدينى - منها مثلا الاختصارات القبطية واليونانية لكلمات: المسيح، الصليب، الشهداء.
    وفى ختام مقالنا نقول إن الفن المسيحى عموما فى تطوره الكامل وفى مظهره العام - كما يقول د.كرم نظير خله أستاذ الفلسفة بجامعة هامبورج - مدين للقبط والفن القبطى. وأنه ليعوزنا الوقت أن نسجل التأثيرات القبطية الكاملة على نواحى الحضارة الأوروبية.∎
    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك
    Item Reviewed: القبط فى الحضارة الأوروبية Rating: 5 Reviewed By: Unknown
    Scroll to Top