728x90 شفرة ادسنس

  • اخر الاخبار

    Monday, February 23, 2015

    أهم التحولات في خريطة التيارات الجهادية الملامح والتداعيات:

    بقلم : علي بكر
    احوال مصر 


    في وقت سابق، ظن الكثيرون أن الثورات العربية قد كتبت بداية النهاية للتيارات الجهادية في المنطقة العربية، وأن هذه التيارات في طريقها إلى الزوال والاختفاء. وقد ارتكز هذا الظن على أن الثورات السلمية 

    العربية أثبتت فشل الفكر الجهادي, حيث استطاعت في وقت وجيز أن تحقق ما فشلت فيه التيارات الجهادية على مدار ثلاثين عاماً، إذ نجحت في تغير الأنظمة العربية في كل من مصر وتونس وليبيا واليمن، إلا أنه بعد فترة قصيرة ثبت أن الاعتقاد السابق ليس صحيحاً, حيث تبين أن هذه الثورات هي بداية لموجة جديدة من الجهاد, ربما تكون موجة أشد ضراوة من الموجات السابقة، حيث فوجئ الجميع بالصعود القوي للتيارات الجهادية, التي عادت مرة أخرى إلى الساحة أكثر قوة ونشاطاً، وأصبحت أكثر قدرة على التأثير بقوة في مجريات الأحداث, على نحو يفرض واقعاً جديداً في بعض المناطق في إقليم الشرق الأوسط، لم يكن مألوفاً من قبل.
    والصعود السابق للتيارات الجهادية في المنطقة، صحبه عدد من التحولات الهامة التي لم تشهدها هذه التيارات طوال تاريخها, مما جعل خريطة التيارات الإسلامية في المنطقة تتغير بشكل واضح وتزداد تعقيدا وتداخلاً, كما أن هذه التحولات قد أثرت بشكل واضح على علاقة هذه التيارات ببعضها البعض من ناحية, وعلى علاقاتها بالتيارات الأخرى من ناحية أخرى، فخلقت نوعا من التقارب بين بعض التيارات، برغم ما كان بينهم من الاختلاف والتناحر في الماضي كان يصل فى بعض الأحيان إلى حد التكفير, أدى هذا التقارب إلى إقامة شبكة تحالفات جديدة تخطت الأسس الفكرية والضوابط المنهجية لهذه التيارات.
    ومن أخطر ما أنتجته التحولات الجهادية في الفترة الأخيرة، “الارتدادات الفكرية”, التي أصابت بعض التيارات الجهادية التي قامت بمراجعات فكرية تخلت بموجبها عن العنف والإرهاب، مثل الجماعة الإسلامية المصرية، والجماعة المقاتلة الليبية، حيث بدأت هذه التيارات في ظل الصعود الإسلامي في المنطقة بعد ما يسمى بالثورات العربية, العودة إلى سيرتها الأولى في تبنى العنف، سواء عبر تبنى خطابات تحرض على العنف, أو ممارسة أعضائها للعنف بشكل واضح وصريح.

    أهم ملامح التحولات في خريطة التيارات الجهادية:

    هناك عدد من التحولات الرئيسية التي طرأت على خريطة التيارات الجهادية، والتي كان لها تداعيات هامة على خريطة الحركة الإسلامية ككل، أضافة إلى تداعياتها الإقليمية من النواحي الاقتصادية والسياسية والأمنية، ويمكن تحديد أهم هذه التحولات في الملامح التالية.

    أولاً: -التحول من “التنظيمات المحلية” إلى “التنظيمات الإقليمية”:

    من أهم التحولات التي شهدتها التيارات الجهادية في المنطقة مؤخراً، هي تحول بعض التنظيمات المحلية إلى تنظيمات إقليمية (عابرة للحدود)، أي التنظيمات التي تنشط في أكثر من دولة، فبرغم تعدد ظاهرة التنظيمات الجهادية في فترة ما بعد الربيع العربي، إلا أن هذه التنظيمات في الغالب كانت تنشأ بطريقة محلية، وتحت مظلة فكرية جهادية واضحة، تمثل الإطار الفكري العام بالنسبة لها، مثل الفكر القاعدة الذي تتبناه الكثير من التنظيمات الجهادية المحلية.
    ولكن بعد فترة من الوقت وجدنا بعض التنظيمات الجهادية في المنطقة تتحول من مجرد تنظيمات محلية تنشط داخل حدود دولة معينة، إلى تنظيم عابر للحدود، ينشط عبر حدود أكثر من دولة، وبالتالي أصبحت هذه التنظيمات لها مرجعيتها الفكرية المستقلة، بل وأصبحت تنافس “القاعدة الأم” في مناطق نفوذها، كما أنه بسب توسع هذه التنظيمات وقدرتها على التنقل عبر الحدود، أصبح يطلق عليها اسم “التنظيمات الجهادية العابرة للحدود”.
    ومن أشهر الأمثلة لهذه التنظيمات، تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” والذى يعد الشقيق الأكبر للتنظيمات الجهادية في منطقة شمال أفريقيا، وكذلك تنظيم “داعش” في كل من العراق وسوريا، قبل أن يعلن عن قيام دولته (دولة الخلافة الإسلامية) على عدة مناطق من الأراضي السورية والعراقية، ثم يأتي بعد ذلك  تنظيم “المرابطون” بقيادة مختار بلمختار، الذى نشأ بعد اندماج تنظيم “التوحيد والجهاد بغرب أفريقيا” وتنظيم “الموقعون بالدماء” بقيادة مختار بلمختار، والذى انشق عن تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”، وأخيراً يأتي تنظيم “أنصار الشريعة” الذى ينشط في كل من تونس وليبيا.

    ثانياً: -التحول من التنظيمات “التقليدية” إلى التنظيمات “المارقة”:

    منذ أواخر الثمانينيات وبداية حقبة التسعينات، والمنطقة تشهد ظهور العديد من التنظيمات الجهادية، ورغم تعدد هذه التنظيمات إلا إنها كانت تلتزم بالأسس الفكرية للتنظيمات الجهادية في المنطقة، والتي كانت تتمحور حول عدم تكفير التيارات الإسلامية الأخرى وخاصة التنظيمات الجهادية وكذلك عدم حمل السلاح ضدها، بالإضافة إلى التعاون معها في حالة وجود خطر مشترك يداهم الجميع.
    لكن في أعقاب الموجة الجهادية التي ضربت المنطقة عقب الربيع العربي ،شهدت المنطقة ظهور بعض التنظيمات الجهادية التي لا تلتزم بهذه الأسس الفكرية، فأخذت تتشدد شيئا فشيئا، حتى تعدت بتشددها الفكري والعقائدي كل ثوابت الفكر الجهادى، بل أصبحت مع مرور الوقت أقرب إلى فكر التيارات التكفيرية منه إلى فكر التيارات الجهادية، حتى أصبح يطلق عليها اسم “التنظيمات الجهادية المارقة”، فمن ناحية النشأة، فقد نشأت هذه التنظيمات “عنوة” سواء عن طريق الانشقاق، أو عن طريق فرض الأمر الواقع على التنظيمات الأخرى، ولم تكتفى بذلك بل أصبحت تعتدى على التنظيمات الجهادية الأخرى وتكفر كل من لا يعطيها البيعة وينضم تحت لوائها, ومن أشهر الأمثلة للتنظيمات الجهادية المارقة في المنطقة تنظيم “داعش” فى سوريا والعراق، وتنظيم “الموقعون بالدماء”.
    وظاهرة “التنظيمات الجهادية المارقة” التي وجدت في الفترة الأخيرة، جاءت نتيجة اتساع دائرة الصراعات وتعدد بؤر العنف في المنطقة، حيث أدت تلك الصراعات إلى جذب العديد من الجهاديين على اختلاف مشاربهم الفكرية والعقائدية، مما أدى إلى خلق حالة من الصراعات الفكرية، أدت قيام نموذج فكرى جهادي جديد متشدد للغاية، يضاف إلى ما سبق عودة الفكر التكفيري من جديد إلى المنطقة بعد فترة خمول، حيث ساعد ذلك بشكل كبير على تشكيل المنظومة الفكرية المتشددة التي تسللت إلى بعض التنظيمات الجهادية، نظراً لوجود تقارب بين الفكر الجهادى والفكر التكفيري، حيث إن الفكر الجهادى يحمل بين طياته العديد من الأفكار التكفيرية مثل عدم العذر بالجهل وتكفير الحكومات ومؤسسات الدول، لذلك يعد إحياء الفكر التكفيري لعب دوراً هاماً في ظهور التنظيمات المارقة.

    ثالثاً: -التحول من الفكر “السلفي” إلى الفكر “الجهادي”:

    يعتبر التحول من “الفكر السلفي” إلى “الفكر الجهادي” من أخطر التحولات التي شهدتها التيارات خريطة التيارات الإسلامية في المنطقة في الفترة الأخيرة، حيث توسعت التيارات الجهادية في المنطقة على حساب “التيارات السلفية” بسب تحول العديد من أبناء التيارات السلفية إلى النهج الجهادي خاصة في منطقة شمال إفريقيا، حيث أصبحت التيارات السلفية في المنطقة في كثير من الأحيان البوابة الخلفية للتنظيمات الجهادية، والمورد البشرى الأول لها.
    فمع انتشار “التيارات الجهادية” بكل صورها وأشكالها في المنطقة، وخاصة في منطقة شمال أفريقيا، التي شهدت نشاطا كبيرا للتنظيمات الجهادية ، مثل تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”، ومعها جماعة “أنصار الدين” وجماعة “التوحيد والجهاد” في غرب إفريقيا، بدأ ينضم إلى تلك التنظيمات أعداد كبيرة من كوادر وأنصار التيارات السلفية من موريتانيا والمغرب والجزائر وتونس وليبيا، كما أن بعض فصائل التيار السلفي أصبحت تستخدم العنف في التعبير عن آرائها، كما حدث في تونس خلال الفترة الأخيرة، ما يؤشر إلى التحول نحو الفكر الجهادي على حساب الفكر السلفي.
    وبشكل عام فإن العلاقة بين “التيارات الجهادية” و”التيارات السلفية” هي عكسية، بمعنى أنه إذا توسع تيار يعنى أنحسارا للتيار الآخر، والأوضاع الحالية في المنطقة تشير إلى “التيارات الجهادية” تتوسع بشكل مستمر ومضطرد، مع غياب أية مؤشرات تدعم من احتمالات انحسارها في المستقبل القريب.

    رابعاً: -التحول من “العزلة” إلى “التحالفات”.

    بعد قيام ما يسمى بالثورات العربية, وجدنا أن هناك تقارب وتعاون كبير بعض التيارات الإسلامية المتباينة وصلت إلى حد إقامة تحالفات, برغم ما بينها من الاختلافات الفكرية الحادة التي تمنع إقامة مثل هذه التحالفات, والتي يمكن أن نطلق عليها اسم “التحالفات الشائكة”, أي التحالفات التي تقام من أجل تحقيق المصالح السياسية والمادية، دون النظر للاختلافات الفكرية والعقائدية التي تمنع قيام مثل هذه التحالفات، التي تعد تحولاً هاما وخطيراً على خريطة التيارات الدينية في المنطقة، وتعد جماعة “الإخوان المسلمين” المصرية هي أول من أنشأ هذا النوع من التحالفات في الفترة الأخيرة، وذلك من خلال تحالف الجماعة مع بعض التنظيمات الجهادية في المنطقة، مثل التحالف الذى جمع كل من “جماعة الإخوان المسلمين” و “التنظيمات الجهادية” في سيناء، في أعقاب سقوط نظام حسنى مبارك, حيث كان من المعروف أن هذه التنظيمات كانت تكفر جماعة الإخوان المسلمين والرئيس محمد مرسى عندما كان في السلطة, حيث إن رغبة جماعة الإخوان المسلمين في مساندة التيارات الجهادية لها من أجل حمايتها وبقائها في السلطة، في مواجهة مؤسسات الدولة المصرية، ويبرهن على ذلك تصريح القيادي الإخوانى محمد البلتاجى، عقب قيام التنظيمات الجهادية في سيناء باستهداف خطوط الغاز “إذا عاد الرئيس مرسى إلى السلطة يتوقف العنف في سيناء في اللحظة التي يعود فيها مرسى إلى الحكم، كما شهدت تلك الفترة، تحالفا آخر من هذا النوع، وهو التحالف الذى تم بين “حركة حماس” التي تعتنق الفكر الإخوانى, وبين تنظيم “جيش الإسلام” بقيادة ممتاز دغمش الذى يعتنق الفكر التكفيري الجهادى, حيث أصبح تنظيم جيش الإسلام بموجب هذا التحالف يمثل الجناح العسكري لحركة حماس, بحيث يقوم بالعمليات القذرة التي لا ترغب حماس القيام بها عن طريق كتائب القسام.

    خامساً: -التحول من “التماسك التنظيمي” إلى الانقسام والانشقاق.

    شهدت المنطقة في الفترة الأخيرة، العديد من الانشقاقات في صفوف التيارات الجهادية التي صعدت بقوة بعد انطلاق الربيع العربي, حيث أصبحت الانشطارية هي الصفة الملازمة لهذه التنظيمات حيث تعددت الانشقاقات داخل التنظيمات الجهادية في المنطقة بصورة ملفته للنظر, وظاهرة الانشقاقات قد طالت كل التيارات الجهادية تقريباً في المنطقة, وكانت أشهر ظاهرة للانشقاقات الجهادية في شمال أفريقيا قد شهدها تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”، بعد انفصال تنظيمين كبيرين عنه في الفترة الأخيرة، هما تنظيم “التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا” والتي أُعلن عنها ديسمبر 2011، ثم تنظيم “الموقعون بالدماء” والذى أعلن عنه  في ديسمبر 2012, على يد القائد السابق في تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» مختار بلمختار, هذا بالإضافة إلى خروج حركة “أنصار الدين”، التي تأسست في نوفمبر 2011, من التحالف مع تنظيم القاعدة.
    وكذلك الحال مع تنظيم “القاعدة في جزيرة العرب”، والذى انفصل عنه تنظيم “أنصار الشريعة” في اليمن الذى اعتبره البعض في الماضي وجهاً آخر “للقاعدة”، ولكن مع مرور الوقت اتضح0020 أنه تنظيم مستقل انفصل عن القاعدة، وأن معظم عناصرها كانوا أعضاء سابقين في “تنظيم القاعدة”, ولكن لم يرتضوا بأسلوب “القاعدة” ومنهجها الفكري, حيث إن لهم أسلوبهم التنظيمي والعسكري الخاص, كما أن أهدافهم التكتيكية تختلف عن أهداف تنظيم “القاعدة فى جزيرة العرب”, وبالتالي انفصلوا عن “القاعدة”.
    وشهدت التيارات الجهادية الموجودة في ليبيا عددا من الانقسامات، وكان تنظيم “القاعدة” له النصيب الأكبر من هذه الانشقاقات، مما أدى إلى وجود العديد من التنظيمات الجهادية مثل «أنصار الشريعة» أشهر التنظيمات المنشقة عن “القاعدة”، ثم تنظيم “كتيبة شهداء أبو سليم”، والتي تأتى في المركز الثاني بعد “أنصار الشريعة” من حيث القوة، إضافة إلى العديد من التنظيمات الجهادية المتناثرة في أرجاء ليبيا، وهذه التنظيمات يشي أطيافها على علاقة وثيقة بتنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”.
    ويعد انشقاق ما يعرف بتنظيم “دولة العراق الإسلامية” عن تنظيم “القاعدة الأم” بقيادة الظواهري, بعد رفض “البغدادي” زعيم التنظيم  قرار الظواهري بإلغاء اندماج دولة العراق والشام، مع تنظيم جبهة النصرة السوري، وإعلانه الاستمرار في الاندماج، واستمرار فرض سيطرته على تنظيم جبهة النصرة السوري، من خلال تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام”, رافضا بذلك قرار زعيم القاعدة بإبطال هذا الاندماج, وقد اعتبر هذا القرار انشقاق عن القيادة التي يجب لها السمع والطاعة, لإن مخالفة قرارات القائد أو المرجعية، هو أمر لا تعرفه الحركات الجهادية إلا فى حالة الانشقاق.

    التداعيات المختلفة للتحولات في خريطة التيارات الجهادية في المنطقة:

    يرتبط بالتحولات التي تحدث على خريطة التيارات الجهادية، عدد من التداعيات الهامة التي ستؤثر على المنطقة بشكل عام، خاصة وأن هذه التحولات في معظمها تساهم في توسع هذه التيارات وزيادة نشاطها، خاصة وأن الظروف الإقليمية الحالية تساهم في هذا الاتجاه، خاصة في ظل تراجع القبضة الأمنية التي كانت تحجم هذه التيارات وتقيد حركتها عقب سقوط أنظمة الحكم في دول الثورات العربية، إضافة إلى الحدود “شبه المفتوحة” بين دول الربيع العربي، والتي أدت إلى تنقل هذه التيارات عبر الحدود بقدر كبير من الحرية. وأخيراً إدراك هذه التيارات أن الظروف الإقليمية الحالية في المنطقة، والتي تصب في صالح التيارات الإسلامية توفر فرصة تاريخية للانتشار والتمدد بأكبر قدر ممكن، لذا سارعت هذه التيارات لفرض سيطرتها على أكبر قدر ممكن من المناطق في الإقليم وإقامة إمارات إسلامية فيها.

    لذلك فإن هذه التحولات سوف يكون لها عدد من التداعيات الهامة والخطيرة على كل المستويات، ومن أهم هذه التداعيات: -

    التداعيات الأمنية، فالتحولات الأخيرة التي طرأت على خريطة التيارات الجهادية، ساهمت في زيادة نشاطها بشكل ملحوظ، مما أدى إلى موجة من العنف الجهادي غير المسبوق في المنطقة، نتج عنه تداعيات أمنية خطيرة، نظراً لنجاح هذه التيارات في القيام بعمليات إرهابية ضخمة، تهدد أمن دول بأكملها وتؤثر على وحدة أرضيها، بعد سيطرتها على بعض المناطق في بعض الدول.
    التداعيات الاقتصادية، حيث ترتب على العمليات التي تقوم بها هذه التيارات هروب الاستثمارات وتعطيل الإنتاج، إضافة إلى أن هذه العمليات استهدفت في بعض المناطق قطاع السياحة الذي يمثل أهمية قصوى في العديد من دول الإقليم، يضاف إلى ذلك الاعتداء على بعض مرافق الدولة وتدميرها، مما أدى إلى خسائر اقتصادية كبيره، وذلك في مقابل ارتفاع تكلفة مقاومة هذه التيارات، والتي أصبحت تكلف الدول أموال طائلة.
    التداعيات السياسية، فزيادة نشاط هذه التيارات سيكون له تداعياته سياسية خطيرة، حيث تسعى هذه التيارات بشكل عام، إلى إزالة الأنظمة الحاكمة في كل دول الإقليم، بما في ذلك الأنظمة التي توصف بأنها أنظمة “إسلامية”، طالما أنها ليست “جهادية”، بهدف إقامة الخلافة الإسلامية، وذلك عن طريق الجهاد والعمل المسلح.

    التحولات الجهادية رؤية مستقبلية:

    شهدت تسعينات القرن الماضي موجة من “الإرهاب”، حيث نفذت العديد من الجماعات الجهادية العديد من العمليات المروعة في العديد من الدول، وقد أطلق على هذه الموجة اسم “موجة الإرهاب”. ولكن مع بداية الألفية حدث انحسار كبير لهذه الموجة، حتى ظن البعض أنها في طريقها إلى الزوال، ولكن جاءت الثورات العربية في بداية هذا العقد ومعها موجة جديدة من الجهاد، ولكنها أشد وأقوى من الموجة السابقة، بسب التحولات التي طرأت على خريطة التيارات الجهادية في المنطقة.
    وهذه الموجة الجديدة ليست كموجة التسعينيات، ففي الحالة الأخيرة، كانت كل الظروف والعوامل الداخلية والإقليمية والدولية ضدها، حيث إن أجهزة الأمن الداخلي في هذه الدول، كان قوياً ومستقرة وقادراً على توجيه ضربات استباقية إجهاضيه لهذه الجماعات. كما كان هناك تعاون جيد على المستوى الإقليمي لمكافحة هذه التيارات، أضف إلى ذلك، الحملة الدولية للقضاء على الإرهاب التي كانت تقودها الولايات المتحدة الأمريكية، والتي أتت بثمار جيدة في محاربة هذه الجماعات.
    أما الآن، فالوضع مختلف تماماً، إذ إن الوضع الأمني على مستوى الإقليم متدهور لدرجة كبيرة، كما أن التغيير الذي ألحقته الثورات العربية ببعض الأنظمة في الإقليم، عصف بالتعاون بين دول الإقليم في مواجهة هذه الجماعات. إلى جانب ذلك، فإن أحداث “الربيع العربي” شغلت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، عن مواجهة هذه التيارات، واتجهت كل دولة في الإقليم، لمواجهتها منفردة.
    وبالتالي، فإن التحولات الأخيرة للتنظيمات الجهادية، تصب بدرجة كبيرة في تغذية صعود هذه التيارات، وتساعدها على النمو والانتشار. لذا فمن المتوقع ألا تكون هذه الموجة من الجهاد، قصيرة الأمد كسابقتها في التسعينيات، بل كل الدلائل والمؤشرات تؤكد أننا أمام موجة طويلة الأمد، تتوافر لها مقومات البقاء والاستمرار.
    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك
    Item Reviewed: أهم التحولات في خريطة التيارات الجهادية الملامح والتداعيات: Rating: 5 Reviewed By: Unknown
    Scroll to Top