الصفحه الرسميه للملك فاروق
- في أواخر القرن الرابع عشر إبان حكم دولة المماليك أهدى السلطان قايتباي مكافأة لقائد جيوشه الأتابك سيف الدين بن أزبك قطعة أرض ناحية بركة بطن البقرة و أقام عليها منزلاً له و متنزهاً حول البركة يحمل اسمه « الأزبكية » . و بحلول عام 1495 كانت الأزبكية قد تحولت إلى حي كبير يتوسط القاهرة و بعد دخول العثمانيين مصر شيد رضوان كتخدا في الأزبكية قصرا كبيرا على حافة البركة الشرقية و سماه « العتبة الزرقاء » . و من ميدان الأزبكية خرجت جماهير القاهرة عام 1805م تنادي بمبايعة محمد علي واليا على مصر . و لكن الخديوي إسماعيل يعتبر هو المؤسس الحديث للأزبكية حيث عاد عام 1867م من زيارته لباريس مبهوراً بعمرانها الحديث و شوارعها و حدائقها فقرر تحويل الأزبكية إلى حى حديث على شاكلة الأحياء الباريسية يضم حديقة رائعة فأصدر أوامره عام 1864م بردم البركة التي كانت تتوسط الميدان و أنشأ في نفس مكانها عام 1872م حديقة الأزبكية على يد المهندس الفرنسي « باريل ديشان بك » على مساحة 18 فدانا أحيطت بسور من البناء و الحديد و فتحت بها أبواب من الجهات الأربع .. و أقام في طرف الأزبكية مسرح ( الكوميدي الفرنسي ) . و بعد الإنتهاء من تشجير الحديقة بالأشجار و النباتات النادرة و تزيينها و إنارتها عين الخديوي مسيو « باريليه » الفرنسي ناظرًا لها و كانت تقام بالحديقة العديد من الاحتفالات الرسمية و الشعبية الكبري للأجانب و المصريين ... لتكون هذه الحديقة لائقة بمصر التى كانت درة الشرق و ساحرة العالم القديم . الجدير بالذكر أن منطقة الأزبكية كانت تضم عدداً كبيراً من الفنادق الفاخرة فى ذلك الوقت منها شبرد و الكونتيننتال و وندسور و إيدن بالاس» بالإضافة الى الأوبرا الخديوية .
و توجد وثيقة مكونة من عدة أوراق مكتوبة بخط اليد ترجع لعام 1869 سوف أحاول عرضها علي حضراتكم في القريب العاجل إن شاء الله . الوثيقة رائعة و مُعبرة عن التطور العمرانى و التنسيق الحضارى و الجمالى لمصر المحروسة فى منتصف القرن التاسع عشر . و يبدو أنها كانت جزءا من ملف مرفوع إلى ولى النعم فى ذلك الوقت و هو الخديوي إسماعيل تضم مقايسة مقدمة من كوردييه بك - و هو فيما أتصور أحد المقاولين الذين عملوا فى مصر فى تلك الفترة - لتكاليف إنشاء حديقة الأزبكية و تضم تفاصيل إنشاء الحديقة و اللوازم التى تحتاج إليها و الأشغال المراد تركيبها و بجانب كل عمل تكلفته بالفرنك الفرنسى ( و هي إحدى العملات المستخدمة فى مصر فى ذلك الوقت حيث عرفت مصر عملات دول كثيرة لوجود عدد كبير من الأجانب بها ) . و الوثيقة المرفوعة بتاريخ سبتمبر 1869 و تم إحالتها إلى ديوان المالية تذكر أن : « أشغال حديقة الأزبكية تضم بخلاف غرس الأشجار و الدرابزينات إقامة فسقية كبيرة بقطر ثلاثين متر فى وسط الحديقة بإستخدام 95 مترا كنارات من الجرانيت بتكلفة 198 ألفا و690 فرنكا بالإضافة الى تكملة الأشغال خارج درابزين الحديقة وعمل فسقيتين من الخرسانة بنافورات ماء و إنشاء فسقية أمام لوكاندة ( كولومبو ) بتكلفة 15 ألف فرنك بالإضافة الى ترميم المماشى ( الممرات ) و عمل حنفيات و تركيب ثلاث ماكينات بخارية لزوم رش الأزبكية . و يوضح كوردييه بك فى المقايسة أنه تم استخدام 1500 متر درابزين حديد و عمل 20 ألفا من أقواس الحديد الصغيرة و إنشاء ثمانية بيوت ( قراقولات ) باعتبار البيت الواحد 2500 فرنك و أربعة قناطر حديد و أربعة قناطر حجر نحت و خشب و قهوة و كشك لزوم ( الموزيقة ) أى الموسيقى بالإضافة لاستخدام ثلاثين نفر جناينية لزوم غرس الأشجار . كما توضح الوثيقة أن إنشاء مغارة داخل الجنينة تكلف 6 آلاف فرنك بالإضافة لدفع 50 فرنكا لتصليح سكك الأزبكية لمدة 6 أشهر ... و يشير كوردييه بك أن الذى صار استلامه حتى التاريخ الموضح بالوثيقة بخصوص أشغال حديقة الأزبكية هو مبلغ واحد مليون و أربعمائة و خمسون ألف فرنك بالتمام و الكمال .