728x90 شفرة ادسنس

  • اخر الاخبار

    Wednesday, July 8, 2015

    موقف الحركة السلفية من أحداث العنف فى مصر

    المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية

    تشير توجهات الحركة السلفية من الهجمات الإرهابية التي شهدتها البلاد، خلال الفترة الماضية، إلى حالة من الانقسام الواضح ما بين جناح رافض لتلك الهجمات وجناح مؤيد لمسار العنف الذي تتخذه جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الجهادية والحركات التكفيرية المتطرفة، وهو ما يعد امتدادا لنفس الانقسام السائد داخل الكتلة السلفية بعد سقوط حكم جماعة الإخوان المسلمين على أثر ثورة 30 يونيو وتدخل المؤسسة العسكرية بالإنحياز للإرادة الشعبية في 3 يوليو 2013، وهو ما يستلزم الإحاطة بالخريطة السلفية الحالية؛ ومدى التباينات داخلها؛ وأسباب ذلك التباين ومساراته المحتملة.
    خريطة السلفية فى مصر:  
    تباينت عناصر التيار السلفى ما بين التقليدين والمجددين لأن إرتسمت ملامح الخريطة السلفية ما بين التقارب التقليدي بعدد من التوجهات تمثلت فى "الدعوة السلفية" و"السلفية الحركية" و"السلفيون المستقلون"؛ بالتوازى مع التقارب المنهجى والذى يضم أهم عناصره جماعة أنصار السنة المحمدية والجمعية الشرعية  والجماعة الإسلامية. إضافة لنموذج التجديد السياسى كإتجاه (حازم أبو إسماعيل)، وما لحق به من الأحزاب السلفية تباعا، وصولا للسلفية الراديكالية والتى تتخذ بأغلبها للإتجاه الجهادى. 
    مواقف السلفية من الدولة:  
    وفقا لخريطة الإنتشار والتوزيع الفكرى والحركى المنهاجى للتيار السلفى؛ وتأسيسا للتغيرات السياسية المتلاحقة بداية من 25 يناير وما لحق به من 30 يونيو و3 يوليو، وما إرتبط به من أحداث عنف تحريضية ونمطية فعلية؛ أحدث ذلك سجالا بالنسيج السلفي لتحديد المواقف من الأحداث الداخلية، وما نتج عنه من الإنقسام لثلاث:  
    1. التيار الداعم لسلطة ما بعد 30 يونيو: ذلك التيار البراجماتى المساهم فى تدشين خارطة الطريق المصرية ذو الخطاب المُصدر كتيار إسلامى بديل للإخوان المسلمين، وتتخذ تصريحاته منحنى نبذ العنف والهجوم على الإتجاه المناصر لذلك ؛ وظهر أبرزهم بفحوى تصريحات يونس مخيون رئيس حزب النور والتى تضمنت "أن هناك مخاطر عديدة والوضع الأمنى يحتاج إلى تكاتف الجميع من أجل مواجهة الإرهاب الذى تتعرض له البلاد خلال الوقت الحالى". بالإضافة لحديث ياسر برهامى وكتلة الدعوة السلفية وغيرهم من عناصر التيار الداعم لسلطة ما بعد 30 يونيو حول ضرورة تجمع كل القوى فى مواجهة الإرهاب. 
    2. تحالف دعم الشرعية: وهو تحالف سياسى معارض لعزل الرئيس الأسبق محمد مرسى، إذ تشكل فى بداية الأمر بأغلبية سلفية إضافة لرموز جماعة الإخوان المسلمين؛ ولكن حدث تخلخل فى الرؤى السياسية أفضى لإنسحاب عدد من القوى السلفية كتفكك إدارى، ولكن لازال هناك تقارب فكرى يظهر فى منهاجية الخطابات التحريضية وتأييد مسار العنف كبيان "نداء الكنانة"، الصادر في مايو 2015 من جانب 150 من القيادات الدينية الداعمة للإخوان المسلمين، والذي دعي لتنفيذ عمليات إرهابية ضد رموز السلطة في مصر.
    3. الإتجاه الراديكالى: قائم بالأساس على فكرة الجهادية رافضا كافة معانى الديموقراطية؛ يؤمن بفكرة الخلافة الإسلامية، تمركز صعودها بصفة رئيسية فى سيناء بما شكل عنصرا للمواجهة مع الدولة بعمليات متتالية كـ "النسر" و"سيناء"؛ مقابل ما منحة حكم الإخوان من مسارات من شأنها أن تعضد قوة تلك التنظيمات الراديكالية فى مواجهه الجيش وهو ما تراجع عكسيا بعد 30 يونيو بما آل إليه أخر تطوراتها بما عرف بتنظيم ولاية سيناء؛ مما خلق مساحة مشتركة لمحاولات التقارب الإخوانى عقب عزل نظام مرسى، ويبرز هذا الاتجاه في لحظات الهجوم الإرهابي على مؤسسات ورموز الدولة ودعمهم  بالأداة الإعلامية وتوظيفهم لنوافذ إفتراضية بمواقع التواصل الإجتماعى لتبرير العنف وكسبة المسحة الدينية والشرعية. 
    مواقف راهنة:
    المشهد الداخلى المصري بما يحوية من أعمال عنف ممنهج  يرسم ملامح تتمازج ما بين الثبات والتغير يظهر فى التصريحات والدعاوى ما بين مختلف الفرقاء بتيار الإسلام السياسى تحييدا للقوى المدنية؛ وما تبع ذلك من تصريحات لمختلف القوى السلفية تجاه أحداث العنف الراهن في مصر ما بين مؤيد ومعارض حيث: 
     القوى الرافضة: أدان كلا من أحزاب النور والوطن والدعوة السلفية العنف الممنهج بتصريحات شديدة اللهجة لشباب جماعة الإخوان المسلمين حوى مضمونها: "إن الجهاد الذى أعلنه الشيخ حسن البنا ليس ضد مجتمعاتكم ولا دولكم ولا جيشكم وشرطتكم مهما كان من ظلم وعدوان؛ فهم لم يكفروا بعد، وقتالكم ضدهم فساد عريض فى صالح الأعداء الذين يجب جهادهم بالفعل، وأيضًا بالضوابط الشرعية، وليس بالشعارات والحماسات التى تضر الأمة كلها وفى العالم كله، واعتبروا بحال داعش والقاعدة الذين رفضتم سبيلهم مِن قبل". إضافة لإدانتهم بيان "نداء الكنانة" المحرض على العنف وذلك فى سياق يلتزم بالثبات بالرؤى السلمية والموقف المضاد من العنف.
     القوى الداعمة: فقد تمثلت بالأساس بتحالف دعم الشرعية والكتل السلفية المنتمية له وسلفيو أسكندرية والمنصورة ومجموعة حازم أبو إسماعيل وبعض الشخصيات الفردية المنشقة من التيار السلمى وفى مقدمتهم سعيد عبدالعظيم المجمد عضويته بالدعوة السلفية؛ بتصريحاتهم وخطبهم الداعية لإنتهاج العنف وأخرها ما عرف بـ"بيان نداء الكنانة". فى تحول نحو شرعنة وتبرير العنف ضد سلطة الدولة ورموزها وفقا لما نص علية البيان بـ"الحكام والقضاة والضباط والجنود والمفتي والإعلاميين والسياسيين، وكل من يُثبتُ يقينًا اشتراكُهم، ولو بالتحريض، في انتهاك الأعراض وسفك الدماء البريئة وإزهاق الأرواح بغير حق. حكمهم في الشرع أنهم قتَلةٌ، تسري عليهم أحكام القاتل، ويجب القصاص منهم بضوابطه الشرعية". مؤسسا بذلك لمنحنى جديد بتشكيلات تنظيمية أخرى لنوعية المستهدفين ظهرت بقائمة اغتيالات نشرت على مواقع الجماعة اتفاقا وتأيداً مع بيان "الكنانة".
    أسباب الثبات والتغير:  
    هناك عدد من الأسباب يرجح أن تكون الأساس الداعم للتحركات السلفية سواء مع الدولة أو بالدعم للإخوان المسلمين، ومنها:  
    1. الإستشهاد بتجربة الإسلام السياسى فى الجزائر بعد العشرية السوداء ومحاولة الحفاظ على الحد الأدنى من المكاسب عن طريق التكيف لضمان البقاء، بدلا من الخروج من الساحة السياسية بعد رفض لاستيعابهم من الدولة والمجتمع معا. 
    2. تصدير فكرة "البديل" عقب فشل الإخوان المسلمين في تجربة السلطة وذلك بالتقارب مع سلطة الدولة، لاسيما مع فشل النخب المدنية والأحزاب السياسية وخاصة مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات البرلمانية في نهاية العام الجاري.  
    3. هوية الأطراف الداعمة من الخارج، سواء للحكم أو الإخوان فبالوقت الذى دعم فيه حزب النور حكومة السيسى إستنادا لدعم السعودية وُجد بالمقابل دعم قطر الجزئى لجماعة "الإخوان المسلمين"، إنتقاد حزب الأصالة لسلطة الدولة وتبريرة لحركات العنف المناهض لـ 30 يونيو وما تبعها. 
    مسارات محتملة:  
    يوجد مساران لطبيعة العلاقة بين الدولة والكتل السلفية في مصر، على النحو التالي: 
    * المسار الأول: يتمثل فى ثبات الكتلة الداعمة للدولة والرافضة لإنتهاج العنف؛ وتوظيف ذلك شعبويا بالتوازى مع التحركات السياسية نحو إنتخابات برلمان 2015 ومراجعة خريطة التحالفات فى ظل قانون الإنتخابات الحديث.
    * المسار الثانى: بتمثل فى ثبات الكتلة الداعمة لجماعة الإخوان المسلمين وإنتهاجها النمط التحريضى وصولا لتبرير العنف وشرعنه والمتمثل بالأساس بتحالف دعم الشرعية؛ إضافة لبعض الحركات كسلفيون الأسكندرية والقاهرة وأتباع (حازم أبو إسماعيل) ممن يكنون العداء للدولة ومؤسساتها.
    إجمالا يمكن القول أن المشهد الحالى لا يمثل أى تغيير فى المواقف السلفية خاصة بالرجوع للخريطة الأولية وتصنيفاتها المحددة لسجالات النهج السلمى والعنيف فى التعامل السياسى والإيدولوجى ومما يؤكد الثبات ما إنتهت له محكمة القضاء الإدارى برفض حل حزب النور فى دلالة للتقارب المقابل ما بين الدولة والتيار السلفى ذو المرجعية السلمية بما يعيدنا للطرح الخاص كـ"بديل للإخوان".   
    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك
    Item Reviewed: موقف الحركة السلفية من أحداث العنف فى مصر Rating: 5 Reviewed By: Unknown
    Scroll to Top