728x90 شفرة ادسنس

  • اخر الاخبار

    Monday, June 1, 2015

    السؤال الشائك: العلاقات المصرية الإسرائيلية في لحظة استثنائية




    بقلم : أكــرم ألـفي
    احوال مصر 

    صرح قائد القوات الجوية الإسرائيلية أمير إيشل في نهاية مايو 2015 بأن إسرائيل ليست قلقة من احتمال حصول مصر على تكنولوجيا دفاع جوي متطورة من روسيا تعليقاً على شراء مصر أنظمة الدفاع الجوي “إس 300″ المتطورة في صفقة وصلت تكلفتها إلى أكثر من مليار دولار. بل أن المسئول الإسرائيلي شدد على أن “أي جهة تمتلك إس 300 تشعر بالأمان، وتتمكن من شن هجمات لأنها تشعر فعليا بأنها تحت حماية”.
    وجاءت هذه التصريحات عقب تأكيد مسئول إسرائيلي دعم تل أبيب حصول القاهرة على أسلحة متطورة من الولايات المتحدة لمواجهة الإرهاب إلى جانب تعطيل تل أبيب العمل ببنود اتفاقية كامب ديفيد الخاصة بانتشار الجيش المصري في شبه جزيرة سيناء.
    هذه التصريحات تدلل على دخول العلاقات المصرية الإسرائيلية مرحلة جديدة خلال العامين الماضيين، من ملامحها ارتفاع وتيرة التعاون الاستخباراتي والأمني وتوافق الرؤى بشأن الوضع في سوريا وعدد من القضايا الإقليمية. بل وصل الأمر إلى حد أن مثل اللوبي الإسرائيلي في واشنطن أحد مراكز الدعم للقاهرة في معركة المعونات بالكونجرس الأمريكي. ولكن في المقابل نجد أن هذه المرحلة تتسم بتراجع العلاقات الدبلوماسية المباشرة واتساع الفجوة بين القاهرة وتل أبيب حول مستقبل التسوية السلمية في الشرق الأوسط.
    ففي لحظة استثنائية بالمنطقة تبدو المصالح المشتركة التي تجمع بين مصر وإسرائيل متفوقة على تعارض المصالح والمواقف السياسية. ففي هذه اللحظة الاستثنائية أصبحت أولويات مصر في الأمن القومي هو مواجهة خطر التنظيمات المتطرفة في سيناء وتأمين الحدود الغربية مع ليبيا، ودبلوماسياً الحيلولة دون تفكك المنطقة ومواجهة تمدد الهيمنة الإيرانية. بالتوازي، فإن أولويات الأمن القومي الإسرائيلي تتلخص في مواجهة الخطر المزدوج من تهديدات التنظيمات المتشددة وخاصة “داعش” في سوريا والعراق والتهديد الإيراني النووي.
    هكذا فإن مواجهة التنظيمات الإرهابية وإيران تمثل “القلب الصلب” لتقارب المصالح بين القاهرة وتل أبيب في اللحظة الراهنة، مما نقل قضايا الخلاف وخاصة مستقبل القضية الفلسطينية واتفاقات انتشار السلاح النووي إلى الهامش.
    فمن الواضح للجميع أن الموقف الإسرائيلي منذ ثورة 25 يناير 2011 هو أن سقوط مصر في الفوضى يمثل تهديداً مباشراً لمصالحها وأمنها القومي. وهو ما ظهر في تأكيد تل أبيب المستمر أهمية الاستقرار في مصر. وهو الموقف الذي تطور عقب 30 ثورة يونيو 2013 بالتشديد على ضرورة دعم النظام الجديد في مواجهة تحديات المواجهة المفتوحة مع الإسلاميين. وهو ما فتح باب تطور العلاقات إلى مرحلة التعاون في المعارك المشتركة أو في مواجهة التهديدات التي تراها كل من مصر وإسرائيل تمثل خطراً على الأمن القومي.
    • سيناء: ساحة التوافق
    تبنت الدولة العبرية عقب ثورة 30 يونيو، موقفاً واضح من الحرب المصرية على الإرهاب في شمال سيناء وهو عدم وضع العراقيل في مواجهة قيام الجيش المصري بمهمته في تصفية الإرهابيين الموالين لجماعة “أنصار بيت المقدس” وإنشاء المنطقة العازلة على الحدود بين مصر وقطاع غزة وتدمير أنفاق التهريب. وكان هذا يعني تجميد فعلي لبنود اتفاقية كامب ديفيد الخاصة بحجم القوات المصرية في شبه جزيرة سيناء.
    وفي محاولة لتأكيد هذا الموقف قامت تل أبيب أكثر من مرة بإعلان موافقتها على إدخال كتائب عسكرية مصرية إضافية إلى شبه جزيرة سيناء خلال عام 2014 بل أنها تجاهلت دخول آليات عسكرية إلى مناطق على الحدود مع قطاع غزة وأعلنت تل أبيب صراحة تأييدها لقيام مصر بإقامة منطقة عازلة على طول الحدود مع قطاع غزة.
    وقد وافقت إسرائيل أربع مرات على طلب مصري بنشر وحدات عسكرية إضافية في المنطقة “ج” بسيناء على مدى العامين الماضيين لتصل إلى نحو 16 كتيبة عسكرية تضمنت نشر أكثر من 20 ألف جندي مصري إضافي وتحليق طائرات “إف -16″ المقاتلة فوق شمال شرق سيناء وكذلك “الأباتشي” التي وصلت للحدود واستخدام الدبابات المقاتلة “ابرامز” في ساحة العمليات ضد تنظيم “أنصار بيت المقدس” الإرهابي.
    ومثلت الحرب المصرية على الإرهاب في شمال سيناء ساحة للتعاون والتوافق بين القاهرة وتل أبيب، حيث تعتبر تل ابيب أن مواجهة مصر للإرهاب يحول دون دخول الدولة العربية المركزية في الفوضى في لحظة قد يقود فيها اختلال توازن القوى العسكرية على حدود الدولة العبرية إلى تهديد مباشر لأمنها. بالتوازي، فإن صد الجيش المصري لخطر تمدد الإرهابيين يحول دون انتقال التنظيمات المتطرفة إلى تعاون مكثف مع نظيراتها في قطاع غزة. بالتوازي، فإقامة المنطقة العازلة على الحدود بين مصر وغزة يضعف بالتأكيد قدرات حماس المالية والعسكرية عبر تدمير أكثر من 500 نفق بطول يصل إلى كيلو متر ويقلل إلى حد كبير فرص التصعيد العسكري على الجبهة الجنوبية للدولة العبرية.
    ولكن الكاتب الإسرائيلي عاموس هرئيل تبنى موقفاً حذراً متخوفاً من أن عمليات الجيش المصري في سيناء، جعلت الخناق على غزة يزداد مما قد يدفع “حماس” للبحث عن حل عبر مواجهة عسكرية مع إسرائيل، ولكن فيما يرى خبراء إسرائيليون أن الإجراءات المصرية ضد حركة “حماس” تفوق نجاحات الجيش الإسرائيلي خلال حروب السنوات الست الماضية مما يحول دون مواجهة جديدة للدولة العبرية في قطاع غزة.
    وتعتبر إسرائيل أن نجاحات مصر لا تقتصر على تقليم أظافر التنظيمات الإرهابية في سيناء وخنق “حماس” بل تتجاوزها لوضع إطار جديد للتعاون مع القبائل السيناوية عبر وضع حد للبيئة الاجتماعية الحاضنة للعناصر المتطرفة ولمجموعات التهريب. وقد أفرد معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي أتقريراً مفصلاً عن مؤتمر القبائل البدوية لدعم الحكومة المصرية في مواجهة الإرهاب قبل أسابيع، مشيراً إلى أن أحد أهم توصيات مؤتمر تحالف القبائل فى سيناء كان التوصية برفض الدفاع عن أبناء القبائل المتورطين فى الحرب وإبعادهم، وفى المقابل يأمل زعماء القبائل أن تكون العلاقات القبلية قوية من أجل التأثير على المحاربين الجهاديين الذين سيختارون التخلي عن تنظيم “أنصار بيت المقدس”، وتقديم الحماية لهم.
    • المساعدات الأمريكية: دور اللوبي الإسرائيلي
    لم يعد خافيا على أحد الدور الذي لعبه اللوبي الإسرائيلي في واشنطن للضغط على صناع القرار في البيت الأبيض عقب ثورة 30 يونيو للحيلولة دون تجميد المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر ومدها بالأسلحة. فقد كانت رؤية تل أبيب للتحولات في المنطقة تختلف مع الرؤية الأمريكية، حيث رأت إسرائيل أن إضعاف النظام المصري يهدد المصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة بل وينذر بحالة عداء بين القاهرة وواشنطن ستدفع ثمنها تل أبيب.
    فانطلاقاً من مصالحها، دفعت إسرائيل اللوبي اليهودي في واشنطن ممثلاً في لجنة العلاقات العامة الإسرائيلية الأمريكية “إيباك” لمطالبة أعضاء الكونجرس برفض أي محاولات لإلغاء المعونات العسكرية والوقوف عند حد تجميد صفقات الأباتشي و”أف -16″.
    ورأي اللوبي الإسرائيلي في واشنطن أن وقف تسليح الجيش المصري بمثابة “جنون” أمريكي يساهم في تقوية شوكة الإرهابيين في الشرق الأوسط ويهدد بالفوضى في المنطقة ومن ثم الأمن الإسرائيلي. واعتبر اللوبي الإسرائيلي أن وقف المعونات يهدد كذلك اتفاقية السلام مع مصر، حيث تمثل المعونات أحد الأعمدة التي ساهمت في استمرار هذه المعاهدة لأكثر من 35 عاماً. ونجد أن “ايباك” عملت بالفعل ضد مقترحات السيناتور راند بول والسيناتور بوب كروكر بوقف المساعدات لمصر. ونجد أن أعضاء الكونجرس الذين يتمتعون بعلاقة جيدة مع “إيباك” رحبوا بشكل واضح بقرار الإدارة الأمريكية في نهاية مارس 2015 واعتبروا أنه يمثل إدراك أمريكي متأخر بشمولية الحرب على الإرهاب.
    في المقابل، استخدمت إسرائيل ورقة مصر في الضغط على الإدارة الأمريكية للحيلولة دون توقيع الاتفاق النهائي مع إيران بشأن برنامجها النووي وفي معارضة الاتفاق الإطاري بين القوى العالمية الكبرى وطهران، حيث اعتبرت تل أبيب أن توقيع الاتفاق سيدفع الدول الكبرى في الشرق الأوسط وخاصة مصر والسعودية إلى السعي للحصول على أسلحة نووية في مواجهة التهديد الإيراني وبالتالي دفع المنطقة إلى سباق نووي محمل بعواقب وخيمة على أمن الدولة العبرية.
    وأبرزت تل أبيب في هذا الشأن المخاوف المصرية والخليجية من الاتفاق النووي الإيراني والسماح لطهران بامتلاك التكنولوجيا النووية. ولكن الموقف الرسمي المصري لم يأت على هوى إسرائيل، حيث أعربت القاهرة عن أملها أن يقود الاتفاق في تحقيق الاستقرار في المنطقة ويحول دون الانجرار إلى سباق للتسلح “لا ينتهي”.
    وبالتوازي، أبدت إسرائيل مخاوفها من المحاولة المصرية لتأسيس قوة عربية مشتركة، مستدعية ذكريات الماضي بشأن تشكيل هذه القوة تاريخياً كان لمواجهة الدولة العبرية ومدى قدرة هذه القوى في مواجهة الإرهاب واحتمال تحولها إلى إسرائيل في مرحلة تالية. ولكن هذه المخاوف لم تنتقل إلى الموقف الرسمي.
    حدود التعاون المصري – الإسرائيلي
    تشهد العلاقات بين مصر وإسرائيل حالة من التعاون والتنسيق بشأن الحرب على الإرهاب، كما أن مواقف البلدين تتوافق بشكل واضح حول مستقبل سوريا وضرورة الحل السياسي والحيلولة دون تقوية شوكة التنظيمات السنية المتطرفة.
    ولكن في المقابل، نجد أن مصر قد دخلت معركة دبلوماسية مع تل أبيب بشأن عقد مؤتمر حول جعل منطقة الشرق الأوسط منزوعة السلاح النووي وهي المعركة التي وقفت فيها واشنطن ولندن مع تل أبيب وانتهت إلى شكر بنيامين نيتانياهو رئيس وزراء إسرائيل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بالتزام واشنطن بتعهداتها بمنع إصدار مشروع قرار يخص الشرق الأوسط. فيما يبرز امتناع الجانب المصري عن عقد لقاءات دبلوماسية علنية مع مسئولين إسرائيليين وعدم استقبال القاهرة لمسئولين سياسيين من تل أبيب كما كان يحدث في العقد الماضي واقتصار اللقاءات على المسئولين الأمنيين للتنسيق بشأن الحرب على الإرهاب أو مسئولين سياسيين من الدرجة الثانية على غرار تسفيا شيمون مديرة إدارة الشرق الأوسط بالخارجية الإسرائيلية التي زارت القاهرة في يناير 2015. وكانت المباحثات تتعلق بالأساس باستيراد مصر للغاز الطبيعي من إسرائيل.  
    يمكن أن نخلص إذا إلى توصيف العلاقات المصرية – الإسرائيلية اليوم بأنها أقرب إلى أن تكون حالة “ود مشوب بالحذر” يجعل البلدان يبحثان عن استغلال هذه الحالة للاستفادة القصوى منها. ونجد أن القاهرة استفادت بالفعل من هذه الوضعية عبر تجميد بنود كامب ديفيد الخاصة بانتشار الجيش المصري في المنطقة “ج” من شبه جزيرة سيناء والحصول على حليف “غير متوقع” في واشنطن لإنهاء تجميد صفقة طائرات “الأباتشي” الضرورية في الحرب على الإرهاب بسيناء.
    تعظيم الاستفادة من اللحظة الاستثنائية في العلاقة من تل أبيب يتطلب وضع أهداف محددة بعيدة المدى من خلال البحث عن إعادة صياغة البنود الخاصة بانتشار الجيش المصري في سيناء في اتفاقية كامب ديفيد بشكل دائم بدلاً من التعطيل المؤقت لبعض البنود ورهنها بالحرب على الإرهاب. فاستغلال اللحظة السياسية المناسبة هو تعبير عن المهارة السياسية، وبالتالي فإن فتح قضية البنود الأمنية في اتفاقية “كامب ديفيد” سيمثل المكسب الأهم الذي يجب أن تضعه الدبلوماسية المصرية نصب أعينها في اللحظة الاستثنائية الراهنة.
    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك
    Item Reviewed: السؤال الشائك: العلاقات المصرية الإسرائيلية في لحظة استثنائية Rating: 5 Reviewed By: Unknown
    Scroll to Top