د. عمــــاد جـــــاد
يعد التمييز بين البشر آفة من الآفات الكفيلة بتفتيت وتدمير أي مجتمع من المجتمعات، بل وحرمانه من مصادر قوة وطاقات كامنة يجري يحجبها بسبب التمييز ضدها من القائمين على شؤون الحكم. والتمييز بين البشر ظاهرة قديمة تواجدت في مختلف المجتمعات الإنسانية، ولم يسلم مجتمع واحد منها مهما إدعى غير ذلك، والتمييز بين البشر يأتي من عوامل مختلفة منها ما هو أولي أي يولد به الإنسان مثل الجنس، الدين، العرق، اللغة والطائفة، ومنها ما هو ثانوي يكتسبه الإنسان من مسيرته في مثل الوظيفة و الطبقة الاجتماعية. ومعروف أن التمييز وفق عناصر الإنقسام الأولى من جنس، دين، لغة، عرق وطائفة هي الأكثر شيوعا وخطورة والأكثر استعصاء على العلاج.
أما التمييز وفق عناصر الإنقسام ثانوي مثل الوظيفة والطبقة الاجتماعية، فهو أمر طبيعي، المشكلة ليست في الإنقسام في حد ذاته، بل فيما يمكن أن يترتب على هذا الإنقسام من تمييز وتفرقة بين البشر، وهو ما يفرز سياسات التمييز والعنصرية والتعصب، الانقسام في حد ذاته سواء وفق عناصر أولية أو ثانوية لا يمثل مشكلة بل قد يتحول إلى مركز غناء وإثراء للمجتمعات، المشكلة عندماتتبع سياسات تمييز بين البشر لاعتبارات غير موضوعية، وعادة ما يأتي ذلك من القائمين على شؤون السلطة، قد يشكلون الأغلبية ومن ثم ينحازوا إلى ذويهم وفق عناصر الإنقسام الأولي تحت ذريعة الأغلبية والأقلية، وقد يشكلون الأقلية ومن ثم يمارسون التمييز ضد الأغلبية تحت ذريعة السمو والعلو والتفوق مثلما كان الحال في نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.
ما نود التأكيد عليه هنا أن التمييز والعنصرية والتطرف ظواهر إنسانية موجودة في كافة المجتمعات، فالتطرف لرأي أو فكر أو معتقد أو عرق آفة شهدتها مختلف المجتمعات الإنسانية، وأدت في أحيان كثيرة إلى وقوع الحروب والمواجهات وأعمال القتل الجماعي والإبادة، بل وكانت وراء إشعال حروب كونية.
وكلما زاد عدد معتنقي الأفكار المتطرفة والعنصرية ، كلما ارتفع مؤشر الخطر وارتفعت معدلات جرائم الكراهية والعنصرية، وتزداد الخطورة إذا ما ترافق مع انتشار هذه الأفكار أزمة اقتصادية أو اجتماعية، أو كانت الأزمة مركبة، في هذه الحالة يجري البحث عن المختلف والانتقام منه.
وعندما تتسع قاعدة التشدد والتطرف والعنصرية، عادة ما تسفر عن نظام حكم يعبر عن هذه الأفكار ويعمل على تعبئتها وتنظيمها، وهو ما فعله هتلر الذي استثمر واقع هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى والإذلال الذي عانت منه برلين بفعل معاهدة فرساي التي فرضت عليها دفع تعويضات هائلة للدول المنتصرة وفي مقدمتها فرنسا، في ظل هذه الحالة والحديث عن الجنس الآري ونقائه، بدأ هتلر الحرب العالمية الثانية التي أخذت معها حياة نحو خمسين مليون إنسان، وانتهت باحتلال ألمانيا وحالة من الدمار الشديد في كل أنحاء أوروبا.
للعنصرية ثلاثة مكونات ، الأول هو المكون المعرفي:
ويتمثل في المعتقدات والأفكار والتصورات التي توجد لدى أفراد عن أفراد آخرين أعضاء جماعة معينة وهو ما يأخذ صورة القوالب النمطية Stereo Types والتي تعني تصورات ذهنية تتسم بالتصلب الشديد والتبسيط المفرط عن جماعة معينة يتم في ضوئها وصف وتصنيف الأشخاص الذين ينتمون إلى هذه الجماعة بناء على مجموعة من الخصائص المميزة لها.
ويلاحظ أن العرق والدين والقومية تشكل أبرز الفئات التي تتعرض للقولبة النمطية لأنها أكثر الفروق الاجتماعية وضوحا وأكثرها مقاومة للتغيير.
الثاني هو المكون الانفعالي: وهو بمثابة البطانة الوجدانية التي تغلف المكون المعرفي، فإذا افتقد الاتجاه مكونه الانفعالي يصعب وصفه بالتعصب.
الثالث هو المكون السلوكي: وهو المظهر الخارجي للتعبير عما يحمل الفرد من مشاعر وقوالب نمطية ويتدرج هذا المكون إلى خمس درجات:
أ-الامتناع عن التعبير اللفظي خارج إطار الجماعة على نحو يعكس سلوك كراهية دفينة.
ب- التجنب: أي الانسحاب من التعامل مع المجموعة أو المجموعات الأخرى رفضا لها.
ج-التمييز : ويمثل بداية أشكال تطبيق التعصب الفعال، أي السعي إلى منع أعضاء الجماعات الأخرى من الحصول على مزايا أو تسهيلات أو مكاسب سواء على نحو رسمي أو واقعي.
د- الهجوم الجسماني: أي الاعتداء البدني على أعضاء الجماعة أو الجماعات الأخرى.
هـ- الإبادة: وتمثل المرحلة النهائية للعداوة والكراهية وتجسد قمة الفعل العنصري وتعبر عن نفسها في شكل مذابح جماعية بناء على أساس الانقسام أو التمييز.
ويتمثل في المعتقدات والأفكار والتصورات التي توجد لدى أفراد عن أفراد آخرين أعضاء جماعة معينة وهو ما يأخذ صورة القوالب النمطية Stereo Types والتي تعني تصورات ذهنية تتسم بالتصلب الشديد والتبسيط المفرط عن جماعة معينة يتم في ضوئها وصف وتصنيف الأشخاص الذين ينتمون إلى هذه الجماعة بناء على مجموعة من الخصائص المميزة لها.
ويلاحظ أن العرق والدين والقومية تشكل أبرز الفئات التي تتعرض للقولبة النمطية لأنها أكثر الفروق الاجتماعية وضوحا وأكثرها مقاومة للتغيير.
الثاني هو المكون الانفعالي: وهو بمثابة البطانة الوجدانية التي تغلف المكون المعرفي، فإذا افتقد الاتجاه مكونه الانفعالي يصعب وصفه بالتعصب.
الثالث هو المكون السلوكي: وهو المظهر الخارجي للتعبير عما يحمل الفرد من مشاعر وقوالب نمطية ويتدرج هذا المكون إلى خمس درجات:
أ-الامتناع عن التعبير اللفظي خارج إطار الجماعة على نحو يعكس سلوك كراهية دفينة.
ب- التجنب: أي الانسحاب من التعامل مع المجموعة أو المجموعات الأخرى رفضا لها.
ج-التمييز : ويمثل بداية أشكال تطبيق التعصب الفعال، أي السعي إلى منع أعضاء الجماعات الأخرى من الحصول على مزايا أو تسهيلات أو مكاسب سواء على نحو رسمي أو واقعي.
د- الهجوم الجسماني: أي الاعتداء البدني على أعضاء الجماعة أو الجماعات الأخرى.
هـ- الإبادة: وتمثل المرحلة النهائية للعداوة والكراهية وتجسد قمة الفعل العنصري وتعبر عن نفسها في شكل مذابح جماعية بناء على أساس الانقسام أو التمييز.
أما التمييز على أساس عوامل الإنقسام الثانوي فهو تمييز متغير لا يتسم بالثبات ويمكن للشخص أن ينتقل من فئة إلى أخرى، كما أنه لا يجري وفق عناصر موروثة ومن ثم يحدث التقاطع والتداخل في مكونات الفئات التي تمارس التمييز وتلك تي يمارس ضدها التمييز، فالتمييز ضد الفقراء يشمل شرائح مختلفة عابرة لعوامل الإنقسام الأولي، أي عابرة لعوامل العرق، اللغة، الدين وربما الطائفة، كما أن التنقل بين فئات يظل واردا، فعلى سبيل المثال فأن الانتقال من الفئة المممارس التمييز ضدها إلى الفئة المميزة والتي يمكن أن تمارس التمييز يحدث من خلال التعليم والترقي الاجتماعي والاقتصادي.
والتمييز وفق عناصر الإنقسام الأولى يختلف عن الاشتراطات الخاصة ببعض المناصب والمواقع في مؤسسات الحكم، فالمفترض أنتفاخ مجالات الترقي والصعود الاقتصادي والاجتماعي أمام كافة المواطنين بصرف النظر عن عوامل الإنقسام الأولى من لغة، عرق، دين، طائفة وجنس
( ذكر - أنثى) وأيضاً الثانوي مثل المهنة والطبقة الاجتماعية، وهوأمر يختلف عن وضع اشتراطات خاصة ومواصفات معينة لمواقع محددة في مؤسسات الدولة مثل القضاء والأجهزة الأمنية، وهي اشتراطات ينبغي أن تتسم بالعمومية والموضوعية. وفي تقديري أن القضية لا تحتاج إلى جدل وسجال سوفسطائي ( عقيم) بقدر ما تحتاج إلى شجاعة الاعتراف بالواقع القائم في بلادنا والذي يقول بأن التمييز يمارس في مجتمعنا المصري على أساس عوامل الإنقسام الأولي وتحديدا الدين والطائفة والجنس، والانقسام الثانوي ضد الفقراء والبسطاء وذوي الخلفية الاجتماعية البسيطة،
نصت المادة الثالثة والخمسين من دستور البلاد الحالي على أن " «المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر.. التمييز والحض على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون..
تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على جميع أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض». وإذا كنا جادين بالفعل في التصدي لآفة التمييز في مجتمعنا فلابد من امتلاك شجاعة الاعتراف بواقع التمييز الممارس في بلادنا والتحرك فورا لتأسيس مفوضوية التمييز التي نص عليها دستور البلاد وباتت مطلبا ملحا حتى تتولى التحقيق في كل وقائع التمييز وتنصف الإنسان المصري كمواطن له كل الحقوق وعليه كافة الواجبات ومحاسبة كل من يمارس التمييز وتنقية مناهج التعليم وبرامج الإعلام من مواد تمييزية ولغة تحض على التمييز، مع إصدار قانون لمكافحة التمييز وتوافر إرادة التطبيق على نحو مبدئي
( ذكر - أنثى) وأيضاً الثانوي مثل المهنة والطبقة الاجتماعية، وهوأمر يختلف عن وضع اشتراطات خاصة ومواصفات معينة لمواقع محددة في مؤسسات الدولة مثل القضاء والأجهزة الأمنية، وهي اشتراطات ينبغي أن تتسم بالعمومية والموضوعية. وفي تقديري أن القضية لا تحتاج إلى جدل وسجال سوفسطائي ( عقيم) بقدر ما تحتاج إلى شجاعة الاعتراف بالواقع القائم في بلادنا والذي يقول بأن التمييز يمارس في مجتمعنا المصري على أساس عوامل الإنقسام الأولي وتحديدا الدين والطائفة والجنس، والانقسام الثانوي ضد الفقراء والبسطاء وذوي الخلفية الاجتماعية البسيطة،
نصت المادة الثالثة والخمسين من دستور البلاد الحالي على أن " «المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر.. التمييز والحض على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون..
تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على جميع أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض». وإذا كنا جادين بالفعل في التصدي لآفة التمييز في مجتمعنا فلابد من امتلاك شجاعة الاعتراف بواقع التمييز الممارس في بلادنا والتحرك فورا لتأسيس مفوضوية التمييز التي نص عليها دستور البلاد وباتت مطلبا ملحا حتى تتولى التحقيق في كل وقائع التمييز وتنصف الإنسان المصري كمواطن له كل الحقوق وعليه كافة الواجبات ومحاسبة كل من يمارس التمييز وتنقية مناهج التعليم وبرامج الإعلام من مواد تمييزية ولغة تحض على التمييز، مع إصدار قانون لمكافحة التمييز وتوافر إرادة التطبيق على نحو مبدئي