حصر فعاليات جماعة الإخوان المسلمين بعد 30 يونيو وحتى 28 نوفمبر
أعلنت جماعة الإخوان المسلمين تأيدها لدعوة ما سمي بـ "أنتفاضة الشباب المسلم" في يوم 28 نوفمبر 2014، تلك الدعوة اللقيطة التي تبحث عن متبني، تلقفتها الجماعة كقشة تنقذها من الغرق في بحر النسيان، بعد أكثر من عام علي إنطلاق تحركاتهم المعادية للشعب المصري، والمطالبة بعودة الدكتور مرسي، رغماً عن إرادة الشعب المصري، والذي أصدر قرار عزله بحشوده الضخمة يوم 30 يونيو 2013.
ويرصد معهد العربية للدراسات في هذه الورقة تطور تحركات الجماعة وأنصارها طوال تلك الفترة، ويري الباحث المتابع لفاعليات جماعة الإخوان المسلمين طوال الـ 17 شهراً الماضية، تراجع وإنحسار، ما يبرر تلقفهم لتلك الدعوة والتصدي لها، وتصويرها كيوم جديد للحسم، وهو ما نحاول عرضه في هذه الورقة.
أختلاق الزخم
أربع موجات، هكذا قسم الإخوان تحركاتهم طوال الـ 17 شهراً الماضية، حيث أعتبر الموجة الأولي ممتدة من تاريخ عزل الدكتور مرسي نزولاً علي الإرادة الشعبية في 3 يوليو 2013، وحتى مارس 2014، حيث أعلن بداية الموجة الثانية في 19 مارس 2014، وألحقها بالموجة الثالثة أبتداءاً من 1 مايو 2014، ثم الموجة الرابعة من 11 أغسطس وحتى هذه اللحظة.
لا يمكن الحديث عن أختلافات جذرية بين الموجات الأربعة، فلا يوجد مميز يبرر ذلك التقسيم المصطنع، والذي لا يهدف إلا لتصوير زخم كاذب، بهدف خلق صورة مبالغ فيها عن حجم تحركات الجماعة وأنصارها علي الأرض.
توهم الحسم
دعت جماعة الإخوان المسلمين ثلاث مرات لـ "يوم الحسم"، معلنين تاريخ سقوط الدولة، وثلاث مرات عادوا بخفي حنين، أول مرة كانت في ذكري ثورة 25 يناير الثالثة، في يوم 25 يناير 2014، مدفوعين بزعمهم فشل الأستفتاء علي الدستور يوم 14 يناير، متجاهلين الحشود التي منحت الدستور الجديد شرعيته، والثانية كانت في ذكري الأستفتاء الأول علي خارطة الطريق التي تلت خلع الرئيس السابق محمد حسني مبارك في عام 2011، وذلك في يوم 19 مارس 2014، وهو نفس التاريخ الذي أعلنوا فيه موجتهم الثانية المزعومة، والمرة الثالثة كانت في 3 يوليو 2014، في ذكري خلع رئيسهم المزعوم، الدكتور محمد مرسي، ليشهد اليوم ركوداً في المسيرات، في مقابل أرتفاع في التفجيرات والأعمال الإرهابية، ليشهد تراجعاً لا تخطئه عين في قدرة الجماعة علي التواجد في الشارع المصري.
والأن، يعلنون يوم 28 نوفمبر يوماً لـ " أنتفاضة الشباب المسلم"، نازعين عنهم كل الأداعاءات السابقة، كاشفين عن وجههم الطائفي، والذي سبق أن أظهروه في أعتداءاتهم المتعددة علي الكنائس، وعلي عكس الدعوات السابقة، والتي كانوا يغلفونها بدعوة التوحد المزعوم مع الفصائل السياسية الأخري، والتي كانت تؤكد كل مرة علي أستحالة التعاون مع ذلك الفصيل، والذي أثبت كذبه، وحنثه بتعهداته كل مرة، لتؤكد الفصائل المختلفة رفضها لعودة الجماعة إلي المشهد السياسي المصري.
تراجع الحشد
تراجعت قدرة الجماعة علي الحشد بشكل واضح، فمن 35 مليونية "مزعومة" من يوليو 2013 إلي أخر العام، لـ 4 مليونيات "مزعومة" في عام 2014 حتى الأن، ليتحولوا للدعوة لما يعرف بأسابيع الحشد، فمن 8 أسابيع حشد في عام 2013، إلي 18 أسبوع حشد في عام 2014، ليعوضوا تراجع القدرة علي الحشد وتسيير المظاهرات، مستبدلين مليونيات الجمع بأسابيع الحشد.
الطلاب والجامعة
ركزت الجماعة علي التحرك داخل الجامعة منذ بداية العام الدراسي 2013/2014، مستغلين تجمع أنصارهم بأعداد كبيرة داخل الجامعة، ليركزوا تحركاتهم في أطار ما أسموه انتفاضة "الحرية لطلاب مصر"، والتي أعلنوها بتاريخ 12 نوفمبر 2013، فركز الطلاب المحسوبين علي الجماعة تحركاتهم داخل الجامعة، بدلاً من التشتت في المناطق المختلفة، والتي تكشف مسيراتها ذات الأعداد المتناقصة أزمة الجماعة، ما أدي لأحداث العنف الشديدة التي شهدتها الجامعة طوال ذلك العام الدراسي، والذي أنتهي مبكراً، بسبب تعذر الدراسة تحت وطأة العنف اليومي الممارس من قبل طلاب الجماعة.
والذي عاد مرة أخري مع بداية العام الدراسي الجديد في أول أكتوبر 2014، مع تركيز طلاب الجماعة علي جامعة الأزهر، والتي يعتبرونها معقلاً لهم، حيث تستمر الصدامات هناك، بالرغم من إنحسارها في الجامعات الأخري، تحت ضغط التواجد الأمني، والذي فرضته تلك الصدامات.
أنتهاج العنف
تناقصت تحركات الإخوان بالتدريج، إلا أنها عوضت ذلك بمزيد من العنف، فكلما ضعفت تحركاتهم، زاد عنفهم وبطشهم بمخالفيهم، فشهدت الأيام السابقة علي أخر دعواتهم بالحسم في يوم 3 يوليو 2014، واحدة من أكبر سلاسل التفجيرات التي شهدتها القاهرة، مستهدفة شبكة المترو، والقصر الرئاسي، وعدد من المرافق العامة، منها سنترال في مدينة السادس من أكتوبر أودي بحياة سيدة وأبنتها، لا ذنب لهم غير حظهم العسر في التواجد، والأن يتوعدون معارضيهم، رافعين أعلام داعش في تحركاتهم خلال الأسابيع الماضية، مؤكدين علي أن يوم 28 نوفمبر سيكون يوماً دامياً، ينتقمون فيه من الشعب المصري الذي أزاحهم.
28 نوفمبر
تمثل دعوة 28 نوفمبر نقطة محورية في استراتيجية جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها، فالجماعة ليست الداعي لتلك التظاهرة، بل هي مجرد داعم، فمن بعد ما كانت هي المحرك للتظاهرات المعادية للدولة، أصبحت متلقي، في مؤشر مهم علي أزمتها المتصاعدة، والتي وصلت لنقطة حاسمة بعد انتخابات الرئاسة المصرية، والتي نزعت عنهم أخر أدعائاتهم بالشرعية، والتي تبعها محاولة الحشد ليوم حسم في 3 يوليو 2014، والأن يحاولون القفز علي دعوة الكيان المسمي بـ "الجبهة السلفية" لـ "أنتفاضة الشباب المسلم".
ويحاول أنصار الجماعة المبالغة في تقدير حجم التحركات المرتقبة في ذلك اليوم، للتغطية علي الموت الأكلينيكي لتحركاتهم في الشارع المصري، علي أمل إعادة الحياة لأنصارهم المنهكين علي مدي الشهور الـ 17 الماضية، فدعوات الحسم الفاشلة، والمليونيات التي لم تتعدي الألفات، وفي بعض الأحيان المئات، وأسابيع الحشد، والتي أنتهت لبضع مسيرات متفرقة، تميزت بالعنف.
المشاركون والرافضون
أختلفت مواقف التيار الإسلامي حول هذه الدعوة الغريبة، حيث أعلن حزب النور رفضها بشكل حاسم، ولعب دوراً كبيراً في التصدي لها في أوساط السلفيين المصريين، ودعمته الدعوة السلفية، مؤكدين أن ما يعرف بـ "الجبهة السلفية" الداعية لتلك التظاهرات لا تتعدي بضع عشرات.
كما رفضها حزب "الوطن"، والذي كان عضواً في "التحالف الوطني لدعم الشرعية" المؤيد لجماعة الإخوان المسلمين قبل أن يعلن إنسحابه، وكذلك حزب البناء والتنمية، الجناح السياسي للجماعة الإسلامية، (وذلك بإستثناء جناح متشدد داخله، والذي أعلن المشاركة)، كذلك هاجمتها القوي السياسية المختلفة، مؤكدة أن تلك الدعوة تحمل دعوات طائفية صريحة، تقسم المجتمع، وتدفعه إلي العنف، ومنها قوي محسوبة علي ثورة 25 يناير، مثل حركة "شباب 6 أبريل"، وحركة "الإشتراكيين الثوريين".
بينما دعم الدعوة جماعة الإخوان المسلمين، و"التحالف الوطني لدعم الشرعية" التابع لهم، وما يعرف بـ "الجبهة السلفية".