مصطفي السعيد
الاهرام
المسيحيون فى قرية العلا بالعامرية يخضعون لحظر التجول للأسبوع الثاني، وسقط منهم عددا من الجرحي، بينهم سيدة فى حالة سيئة، ترقد بمستشفى فيكتوريا بالاسكندرية، وأسرتها عاجزة عن زيارتها ومتابعة حالتها.
ما حدث بقرية العلا لم يكن حادثا استثنائيا، فقد ازدادت الاعتداءات على الأقباط وممتلكاتهم منذ سيطرة جماعة الإخوان على حكم مصر، واعتقدوا أنهم سيفرضون معتقداتهم بأن المسيحيين مواطنين بلا حقوق، ويجب فرض الجزية عليهم، والتضييق على أعمالهم وحرياتهم، وربما كان ذلك متوقعا، وينسجم مع تعاظم نفوذ الجماعة وحلفائها بعد الاستيلاء على الحكم، لكن المثير للدهشة أن يتسع نطاق اضطهاد الأقباط بعد ثورة يونيو، عندما أصبحوا موضع انتقام الجماعة وحلفائها، خاصة فى مناطق نفوذهم، لاعتقادهم أن المسيحيين كانوا فى مقدمة الثائرين على حكم الإخوان، ولعبوا دورا مميزا فى اسقاطهم، فلم تتوقف المضايقات، والهجمات على ممتلكاتهم، والتعرض لهم بالضرب، واهانة كنائسهم، حتى بلغ الأمر منع دق أجراسها، أو فتح أبوابها الرئيسية، أو إجراء أى صيانة لها، وجرى تهجير أسر قبطية بأوامر من محاكم الجماعات التكفيرية العرفية فى محافظات المنيا وبنى سويف والاسكندرية.
حادثة قرية العلا فى العامرية كان يمكن أن تمر بسلام، فهو خلاف معتاد على حيازة قطعة أرض تبلغ مساحتها عشرة أفدنة، لكن لأن المالك مسيحي، والمعتدى على الأرض من عائلة الحوتى "العرب"، استغلت وصول الإخوان إلى الحكم، لتضع يدها على الأرض المجاورة لكنيسة مار جرجس بالقرية، فلجأ المالك وهو من عائلة مكانوتى إلى كل الحلول الودية، ثم لجأ إلى القضاء، ليحصل على حكم نهائى باسترداد أرضه، وتوجهت قوة من الشرطة لتنفيذ الحكم، لكنها فوجئت بأن مكبرات الصوت فى المساجد تحرض السكان على التصدى للشرطة، التى جاءت لنصرة المسيحيين على المسلمين، وبالفعل توجهت مجموعات كبيرة من الأهالي، واصطدمت بالشرطة، وسقط قتيل من المهاجمين وعدد من الجرحي، مقابل عدة إصابات بالشرطة، التى آثرت الإنسحاب حتى لا تتفاقم الأزمة، وتترك أقباط قرية العلا رهينة بيد المتطرفين، الذين يحاصرون منازلهم، ويهددون بقتلهم إذا لم يهاجروا جميعا من القرية، والتنازل عن الأرض، وبالفعل تعرضوا لاعتداءات أوقعت أربعة جرحي، ومازال المسيحيون رهن الاقامة الجبرية.
الأمن له مبرراته المعروفة، فهو لا يريد من الجماعات التكفيرية إشعال نار الفتنة الطائفية، خاصة وأن البلاد تمر دائما بظروف صعبة، وتكون النتيجة هى السعى إلى الحل الودي، وهو عادة ينتهى بتنازل المسيحيين عن حقوقهم، ويقبلون أحيانا بالتهجير لأقل احتكاك، ليجنبوا البلاد أى فتنة.
هذه حالة الأقباط قبل وبعد ثورة 30 يونيو، فهم "الحيطة المايلة" والجانب الضعيف، الذى عليه أن يتحمل ويدفع الثمن دائما، وهو ما تؤكده حادثة ثانية وقعت فى نفس التوقيت، فعقب خلاف بين شاب مسيحى من قرية العمودين بالمنيا، خرجت سيارات تحمل متطرفين من قرية الشروبى حاملين العصى والأسلحة البيضاء وبعضهم يحمل "خرطوش" واعتدوا على حفل زفاف احد المسيحيين، وأصابوا 10 أشخاص بإصابات سطحية، وعندما أبلغوا الشرطة، ألقت القبض على عدد من الجناة، وعدد آخر من الضحايا، ووضعتهم فى الحجز، حتى يتم التصالح بين الطرفين، وهو الإجراء المتبع عادة فى حالة تعرض المسيحيين لأى اعتداء.
إن مثل هذه المعالجة لحالات الاعتداء المتكررة على المسيحيين تجعل دولة المواطنة بعيدة المنال، وتشجع جماعات العنف والتكفير على مواصلة قمع واضطهاد المسيحيين، وتقوى شوكتهم، وتجعل منهم أمراء لدويلات داخل الدولة، وتعطيل للقانون والدستور، تحت لافتة المحاكم العرفية والحلول الودية، غير العادلة، كما تنال من هيبة الدولة ورجال الأمن، لأنهم يظهرون وكأنهم عاجزون عن تنفيذ القانون، ويلجأون إلى الحلول السهلة بالضغط على المسيحيين، وهو أمر لا يجوز السكوت عليه تحت أى مبرر.
الاهرام
ما حدث بقرية العلا لم يكن حادثا استثنائيا، فقد ازدادت الاعتداءات على الأقباط وممتلكاتهم منذ سيطرة جماعة الإخوان على حكم مصر، واعتقدوا أنهم سيفرضون معتقداتهم بأن المسيحيين مواطنين بلا حقوق، ويجب فرض الجزية عليهم، والتضييق على أعمالهم وحرياتهم، وربما كان ذلك متوقعا، وينسجم مع تعاظم نفوذ الجماعة وحلفائها بعد الاستيلاء على الحكم، لكن المثير للدهشة أن يتسع نطاق اضطهاد الأقباط بعد ثورة يونيو، عندما أصبحوا موضع انتقام الجماعة وحلفائها، خاصة فى مناطق نفوذهم، لاعتقادهم أن المسيحيين كانوا فى مقدمة الثائرين على حكم الإخوان، ولعبوا دورا مميزا فى اسقاطهم، فلم تتوقف المضايقات، والهجمات على ممتلكاتهم، والتعرض لهم بالضرب، واهانة كنائسهم، حتى بلغ الأمر منع دق أجراسها، أو فتح أبوابها الرئيسية، أو إجراء أى صيانة لها، وجرى تهجير أسر قبطية بأوامر من محاكم الجماعات التكفيرية العرفية فى محافظات المنيا وبنى سويف والاسكندرية.
حادثة قرية العلا فى العامرية كان يمكن أن تمر بسلام، فهو خلاف معتاد على حيازة قطعة أرض تبلغ مساحتها عشرة أفدنة، لكن لأن المالك مسيحي، والمعتدى على الأرض من عائلة الحوتى "العرب"، استغلت وصول الإخوان إلى الحكم، لتضع يدها على الأرض المجاورة لكنيسة مار جرجس بالقرية، فلجأ المالك وهو من عائلة مكانوتى إلى كل الحلول الودية، ثم لجأ إلى القضاء، ليحصل على حكم نهائى باسترداد أرضه، وتوجهت قوة من الشرطة لتنفيذ الحكم، لكنها فوجئت بأن مكبرات الصوت فى المساجد تحرض السكان على التصدى للشرطة، التى جاءت لنصرة المسيحيين على المسلمين، وبالفعل توجهت مجموعات كبيرة من الأهالي، واصطدمت بالشرطة، وسقط قتيل من المهاجمين وعدد من الجرحي، مقابل عدة إصابات بالشرطة، التى آثرت الإنسحاب حتى لا تتفاقم الأزمة، وتترك أقباط قرية العلا رهينة بيد المتطرفين، الذين يحاصرون منازلهم، ويهددون بقتلهم إذا لم يهاجروا جميعا من القرية، والتنازل عن الأرض، وبالفعل تعرضوا لاعتداءات أوقعت أربعة جرحي، ومازال المسيحيون رهن الاقامة الجبرية.
الأمن له مبرراته المعروفة، فهو لا يريد من الجماعات التكفيرية إشعال نار الفتنة الطائفية، خاصة وأن البلاد تمر دائما بظروف صعبة، وتكون النتيجة هى السعى إلى الحل الودي، وهو عادة ينتهى بتنازل المسيحيين عن حقوقهم، ويقبلون أحيانا بالتهجير لأقل احتكاك، ليجنبوا البلاد أى فتنة.
هذه حالة الأقباط قبل وبعد ثورة 30 يونيو، فهم "الحيطة المايلة" والجانب الضعيف، الذى عليه أن يتحمل ويدفع الثمن دائما، وهو ما تؤكده حادثة ثانية وقعت فى نفس التوقيت، فعقب خلاف بين شاب مسيحى من قرية العمودين بالمنيا، خرجت سيارات تحمل متطرفين من قرية الشروبى حاملين العصى والأسلحة البيضاء وبعضهم يحمل "خرطوش" واعتدوا على حفل زفاف احد المسيحيين، وأصابوا 10 أشخاص بإصابات سطحية، وعندما أبلغوا الشرطة، ألقت القبض على عدد من الجناة، وعدد آخر من الضحايا، ووضعتهم فى الحجز، حتى يتم التصالح بين الطرفين، وهو الإجراء المتبع عادة فى حالة تعرض المسيحيين لأى اعتداء.
إن مثل هذه المعالجة لحالات الاعتداء المتكررة على المسيحيين تجعل دولة المواطنة بعيدة المنال، وتشجع جماعات العنف والتكفير على مواصلة قمع واضطهاد المسيحيين، وتقوى شوكتهم، وتجعل منهم أمراء لدويلات داخل الدولة، وتعطيل للقانون والدستور، تحت لافتة المحاكم العرفية والحلول الودية، غير العادلة، كما تنال من هيبة الدولة ورجال الأمن، لأنهم يظهرون وكأنهم عاجزون عن تنفيذ القانون، ويلجأون إلى الحلول السهلة بالضغط على المسيحيين، وهو أمر لا يجوز السكوت عليه تحت أى مبرر.