بالتفاصيل.. خبير إسرائيلي: هكذا سقطت الطائرة الروسية
"القنبلة زرعت في الطبخ أو دورة المياة أو غرفة الشحن الخلفية"

كشف “رونين سولومون" الخبير الإسرائيلي في أمن المطارات ومجال الاستخبارات عما قال إنها معلومات خطيرة توصل لها عن مكان القنبلة التي فجرت الطائرة الروسية في سماء سيناء، والطريقة التي استخدمها تنظيم داعش لزرعها، ونوعية القنبلة الفتاكة. وذلك في تحليل مفصل نشره موقع القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي.


إلى نص المقال..
في الأيام الماضية تزايدت فرضية تحطم طائرة الركاب الروسية التي سقطت بسيناء بواسطة قنبلة زرعها شخص ما داخلها. لم يغب اسم إسرائيل بالطبع عن المسألة. ووفقا لتقرير شبكة CNN، اعترضت المخابرات الإسرائيلية نصوص مكالمات بين عناصر داعش بسيناء ونقلتها للولايات المتحدة وبريطانيا.

وفقا للمعلومات التي نقلت، فإن قنبلة جرى زرعها في بطن الطائرة على يد عناصر داعش، الذين يتحدث بعضهم ب"لكنة بريطانية" أدت لتحطم الطائرة الروسية. تطرق وزير الدفاع موشيه يعالون هو الآخر للمسألة في تصريحات للصحفيين يوم الاثنين من الأسبوع الجاري وقال هو الآخر :”ندرك على الأرجح أن الحديث يدور عن هجوم إرهابي". وقال إن إسرائيل :”ليست طرفا في التحقيق، لكن من تفهم الأمور يبدو أن الحديث يدور عن عبوة ناسفة انفجرت داخل الطائرة". في الأثناء يطرح السؤال- ماذا حدث بالفعل هناك وكيف فعلوا ذلك؟.

أين وضعت القنبلة؟
مثلما كتبنا هنا بتوسع، أن في إسرائيل من ينظر بخوف لنجاح ذراع داعش بسيناء، لأن ذلك يشير إلى أن هناك خلف حدودنا تنظيم على درجة عالية من القدرات العملياتية. فهو مستعد لتنفيذ هجوم نوعي، يدفع أيضا القيادة المركزية لداعش إلى تعزيزهم وتزويدهم بكميات كبيرة من الأموال والسلاح.

“رونين سولومون" مدير صفحة "إينتلي تايمز- لتحليلات الاستخبارية"، باحث في مجال الاستخبارات والانترنت، عمل في السابق في مجال تأمين المطارات، بحث في الموضوع ويؤمن أنه نجح في الوصول إلى المسار المحتمل للقنبلة، وكذلك علاقة النشطاء البريطانيين الذين حُددوا في البيان المنسوب لإسرائيل.

قال "سولومون:” الآن وبينما بات واضحا بشكل كاف أن قنبلة تسببت في تحطم طائرة الركاب الروسية فوق سيناء، يطرح السؤال كيف؟، وأي نوع من العبوات وكيف زُرعت القنبلة بالطائرة الإيرباصA-321 التابعة لشركة مترو- جيت الروسية".

ورأى أن الإجابة على السؤال تتطلب الانتباه لتفصيلين مهمين من ساحة التحطم، الأول هو حقيقة أن الطائرة انشطرت في الجو إلى قطعتين رئيسيتين: قطعة الذيل الخلفي وقطعة صالون الركاب وكابينة القيادة.

يوضح سولومون أنه طبقا للصور التي خرجت من ساحة التحطم، يمكن ملاحظة أن ذيل الطائرة قد قُطع بينما كان في الجو من قوة الانفجار، وانفصل عن جسد الطائرة الرئيسي من منطقة المطبخ الخلفي ودورات المياه- بينما أبقى على منطقة محطمة من الداخل لكن دون علامات احتراق من الخارج. رغم وضع المحرك الخلفي".

ويقول:”كل هذا يشير إلى أن بؤرة الانفجار كانت في نفس النقطة وأدت إلى الانفصال السريع للذيل والمحرك الخلفي، وإلى قطع أنابيب الوقود المتصلة طوال الطريق بأجنحة الطائرة والمحركات".

ويستطرد :”بدأ كل قسم من أماكن الركاب، والجناحين والمحركات في الاحتراق حتى تحطمه على الأرض، دون ترك أي أثر لجسم الطائرة، فيما عدا الجزء الموجود بين نهاية كابية القيادة وحافة الطائرة".

وبحسب الخبير الإسرائيلي فإن حقيقة أن الطائرة انشطرت تحديدا في المنطقة الخلفية التي تنتهي فيها منطقة المقاعد، يشير إلى أن القنبلة زرعت في واحدة من الثلاث مناطق التالية: مطبخ الطائرة، أو دورات المياه، أو غرفة الأمتعة الخلفية للطائرة. كذلك، هناك علامات على بعض أجزاء الطائرة لشظايا على الخارج، ما يؤكد أن مصدر التفجير كان بالفعل داخل الطائرة.

“سولومون" يشير أيضا إلى أن كارثة لوكيربي (1983)، عندما انفجرت في الجو طائرة بوينج 747 في الرحلة رقم 103 التابعة لشركة "بان أم"، قد استخدم فيها نحو 400 جرام من المواد المتفجرة البلاستيكية من نوع "سمتكس"، جرى إخفاؤهاا داخل الصندوق الصلب لجهاز راديو كاسيت، وضع في حقيبة نوع سيمونز.

ويضيف:”تم وضعها في الجزء السفلي الأمامي من الطائرة وخلال التفجير أدت إلى القطع الرأسي من أسفل إلى أعلى لجسم الطائرة الرئيسي، من منطقة الممر إلى غرفة القيادة ودورات المياه. كان هذا الجزء بين الأجزاء القليلة التي ظلت سليمة نسبيا دون علامات اشتعال".

هنا يطرح السؤال، أين تحديدا تم زرع العبوة الناسفة في الجزء الخلفي للطائرة، وأي نوع من المتفجرات هل كانت عبوة قياسية أم بدائية الصنع؟ وقع التفجير على طائرة الركاب الروسية على ارتفاع نحو 30.000 قدم، وبعد نحو 23 دقيقة من الإقلاع. وهو البروفايل الذي يتطابق تقريبا مع رحلة "بان أم" في كارثة لوكيربي، التي وصلت لارتفاع 31.000 ألف قدم واستغرقت نحو 37 دقيقة من الإقلاع حتى اللحظة التي اختفت فيها من على الشاشة.

كيف تم إدخال القنبلة؟
يقول "سولومون":” لدى فحص الاحتمالات يجب الأخذ في الاعتبار أن المهاجين قاموا في البدء بعملية تمشيط لتقدير الصعوبة أو السهولة في إدخال العبوة الناسفة إلى داخل مطار شرم الشيخ، حتى تأخذ طريقها إلى الطائرة بالمطار. في هذه المرحلة من غير الواضح ما إن كان على قائمة ركاب الطائرة الروسية قد لوحظ مشتبهين محتملين. لكن من شهادات المسافرين يتضح أنه كان بالإمكان تهريب عناصر العبوة عبر مسار استيعاب الركاب، إلى داخل الطائرة، على شكل عبوة ناسفة أُخفيت في حقائب المسافرين، أو مواد متفجرة سائلة حملها المهاجم نفسه. زعم مسافرون أنهم تمكنوا من إدخال زجاجات مشروبات إلى داخل الطائرة وأن أجهزة الأشعة السينية وماكينات المسح لم تعمل كما ينبغي".

بكلمات أخرى هناك إمكانية أن يكون مخرب انتحاري صعد إلى الطائرة مع القليل من المواد المتفجرة، وقد أثبتت "بان أم" من لوكيربي أنه لا يتطلب أكثر من 400 جرام. علاوة على ذلك هناك إمكانية أن يكون الحديث يدور عن مواد متفجرة سائلة لم يكن بالإمكان تمييزها، على الأقل بالوسائل المستخدمة في مطار شرم. إذا كان الأمر كذلك، فإن المخرب نفسه دخل لأحد دورات المياه الخلفية، وقام بتوصيل الصاعق بالمواد التفجرة السائلة وشغلها. خيار آخر أن تكون العبوة وصلت وحدها واشتغلت بواسطة جهاز تشغيل بارومتري، كذلك الذي يشغل العبوة في الوقت الذي تصل فيه الطائرة إلى ارتفاع محدد.

نقلت "ديلي إيكسبرس" البريطانية عن عناصر استخبارات في بريطانيا أنهم يعتقدون أن بريطانيين متطرفين جرى تدريبهم في سوريا ساعدوا في إعداد القنبلة التي أدت لتحطم الطائرة الروسية، وقد سُمعوا أيضا يتحدثون في التسجيلات التي نقلت وفقا لـCNN- على يد المخابرات الإسرائيلية.

برأي "سولومون" فإن حقيقة نقل إسرائيل تلك المعلومات الاستخبارية، ترتبط بمحاولات سابقة لبريطانيين مسلمين لاستهداف طائرات خرجت من بريطانيا لرحلات عبر المحيط الأطلسي بواسطة عبوات ناسفة تعتمد على مواد متفجرة سائلة.

على سبيل المثال، في أغسطس 2006، تكشف عزم إرهابيين تفجير عشرة طائرات خرجت من بريطانيا للولايات المتحدة بواسطة مواد متفجرة سائلة يتم سحبها في حقائب اليد. وقتها نشرت عناصر استخبارية بريطانية وأمريكية أن الخطة كانت مرتبطة بشكل مباشر بتنظيم القاعدة بباكستان، الذي طمح إلى تنفيذ عملية انتقامية ضد الغرب. تضمنت الخطة استخدام مسجل راديو باناسونيك كان ممتلئا بمواد متفجرة بلاستيكية، بشكل مماثل لعبوة كارثة لوكيربي، واستخدام زجاجة مشروب كحولي احتوت على مواد متفجرة سائلة.

في سبتمبر 2009 أدين ثلاثة بريطانيين مسلمين بالتخطيط لإسقاط سبعة طائرات خلال رحلات للولايات المتحدة وكندا، في عملية كانت لتصبح أكبر هجوم إرهابي منذ هجمات 11 سبتمبر. خطط هؤلاء لتهريب المواد المتقجرة للطائرة تحت غطاء مشروبات غازية. أدى إلقاء القبض على المتهمين إلى تغير واسع في أنظمة أمن المطارات في أنحاء العالم، بما في ذلك حظر حمل السوائل والمعاجين.

هل كان هناك تعاون من الداخل؟
يوضح "سولومون" أن :”الإمكانية الثانية للاختراق والأقل تطورا، أن المعتدين حصلوا على مساعدة من الداخل (تعاون من قبل عامل في المطار) في واحدة من بين منطقتين لتجهيز الطائرة للتحليق. منطقة شحن أمتعة الركاب. أوطواقم إعداد الرحلة ( الطعام والنظافة).
في وضع كهذا، يحتمل أن تكون عبوة ناسفة جرى وضعها داخل حقيبة أو في إحدى حاويات تخزين الطعام التي صعدت للطائرة وتم تخزينها في مطبخ الخدمات الخلفية، أو عبوة زرعت في إحدى غرف الخدمات ( مطبخ أو دورة مياه) على يد أحد أطقم النظافة، هذه الإمكانية طرحتها أيضا عناصر استخبارات بريطانية.

في هذه الحالة وبمعرفة أسالبيب عمل المتهم الرئيسي تنظيم "انصار بيت المقدس" بقيادة أبو أسامة المصري الذي بايع داعش، يحتمل أن يكون التنظيم قد نجح في تجنيد عامل من داخل المطار.

يدور الحديث ربما - بحسب الخبير الإسرائيلي- عن عبوة ناسفة من النوع الذي شاهدنا استخدامه ضد الجيش المصري بسيناء. عبوة بدائية الصنع تعتمد على راس متفجرة قياسية، على سبيل المثال قذيفة هاون أو صاروخ، جرى تفكيكه وربطه بجهاز كِمُون وإخفاؤه في حقيبة أو حاوية صعدت إلى الطائرة ووصلت إلى منطقة الشحن الخلفية، أو إحدى غرف الخدمات الخلفية لطاقم الطائرة، كالمطابخ أو دورات المياه. حدثت بؤرة الإنفجار في منطقة الخدمات المتكررة، ويمكن تمييز أيضا بقايا مواد سائلة في صور ساحة التحطم.

أجهزة كشف المعادن مزيفة؟
سيناريوهات سولومون تتضمن أيضا ما كشفته صحيفة الديلي ميل البريطانية،، إذ قيل إن هناك إمكانية أن تكون العبوة الناسفة جرى وضعها في متاع المسافرين في الفندق. وقالت مصادر بريطانية أن هناك احتمالا أن يكون أحد طاقم الفندق، أو إرهابي دخل الفندق، قد دخل إلى إحدى الغرف وزرع القنبلة في حقيبة أحد المسافرين.

كما قيل إن الحراسة في هذا الفندق معيبة، فضلا عن أنهم يستخدمون أجهزة مزيفة للكشف عن المعادن. وفقا للتقرير بدأت السلطات المصرية التحقيق مع عدد من المشتبهين من عمال الفندق، على خلفية معلومات تلقاها المصريون من الاستخبارات البريطانية. جدير بالذكر أن محققين مصريين حققوا أيضا مع عمال المطار للاشباه في علاقة أحدهم بالقاعدة.

وحيال زع العبوة الناسفة في حقيبة داخل الفندق، أشارت مصادر في بريطانيا إلى أنه كان بالإمكان إخفاء العبوة بسهولة، بما في ذلك لأن أجهزة الكشف عن المعادن التي يستخدمها حراس الفندق بشرم الشيخ هي بالفعل أجهزة مزيفة، بيعت من خلال رجل الأعمال البريطاني جيمس مكورميك قبل عامين.

باع مكورميك المئات من أجهزة كشف المعادن التي زعم أن يمكن استخدمها في كشف القنابل. قبل عام فقط اتضح أن الحديث يدور عن كذبة، وأن هذه الأجهزة خصصت بالفعل لتحديد أماكن كرات الجولف. بالمناسبة، رأينا تلك الأجهزة مؤخرا خلال خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.

إن كان هناك شئ لا يحبه عالم الطيران فهو الألغاز غير المحلولة. كل طائرة تسقط تؤدي إلى تحقيقات ضخمة دون الأخذ في الاعتبار التكاليف المادية، فالهدف الماثل أمام أعين الجميع هو منع سقوط الطائرة القادمة. فقط في هذه الحالة هناك قدر كبير من المصالح الروسية والمصرية والبريطانية وغيرها- فيما تبقى عناصر داعش حتى اليوم ربما الوحيدة التي تعرف ما حدث بالفعل. يقولون، إنهم سيبثون في القريب فيلما يكشف كيف نفذوا العملية الإرهابية الفتاكة.
مصر العربيه